اثنان > اقتباسات من رواية اثنان > اقتباس

حينما يكونان مع بعضهما، لا يعود لمخاوفهما ميّزات محدّدة، وكلاهما ليس لديه أدنى إدراكٍ لشيءٍ سوى شعورٍ بالألم، بحملٍ ثقيلٍ يصبحُ فجأةً أكثر خفّةً بشكلٍ غامض؛ ممّا يسمحُ لهما بالراحة والتنهّد. كانا صامتين ومتظاهرين بالنوم. كان المنزلُ هادئاً، والغرفة شبه مظلمة. أطفأت ماريان المصباح الموجود بجانب سريرها؛ فيما ترك أنطوان مصباحه مضاءً. هذا المصباح يضيءُ كتاباً موضوعاً قبالته وبالكاد يقرأ منه. من خلال النافذة المواربة جاء برد الليل. كان السريرُ دافئاً وناعماً، وهذه الحرارة للمخدع المشترك، وهذا الصمتُ وهذا السلام غير المستقر، كلّ هذا خدّرهما ووحّدهما كما لم يحدثُ من قبل في ضجيج النهار، ولا في الحب. كلّ منهما يشعرُ بما لدى الآخر من أفكارٍ غريبةٍ عنه، وربّما كانت أفكاراً عدائيّة لنفسه، لرفاهيّته وراحته؛ غير أنّهما لم يحاولا اختراقها، بل في المقابل كانا يتجاهلانها قدر المستطاع، كانا يتعارضان بنوعٍ من التحيّز الواثق، بنوعٍ من الرغبة في السعادة؛ إلى درجة أنّ هذه المخيّلات المضطربة توقّفت عند قدم السرير الزوجي، لا تتخطّى ظلّه حتّى، وبصبرٍ ينتظران الليلة القادمة، الليلة الأكثر إخلاصاً منهما نفسيهما، والتي ستحرّر ما خبّآه كلاهما بعناية وبراعةٍ شديدتين في أعماق قلبيهما.

مشاركة من صلاح الدين محمد فاضل ، من كتاب

اثنان

هذا الاقتباس من رواية