أبناء حورة > اقتباسات من كتاب أبناء حورة > اقتباس

كل المباني المحيطة بالساحة. كل شيء كان يستعد لاستقبال الحدث العظيم، ولم يكن هناك ما يشوب ذلك الاستقبال سوى قلق خفيف يعتري أمجد، وحزن أقام جداره بين نيرة والرياحي، وشوق عارم يملأ قلبَي بدر الدين والحُسن الساري. وها هم العمالقة الثلاثة عشر يصلون إلى الساحة، ويتراجع الجميع خطوة إلى الوراء. وما إن تلمس أقدامهم الأرض حتى تتجه رؤوسهم تبحث عن الحُسن الساري، التي تُقبل نحوهم بفرحة، وتُقبِّل رؤوسهم وأياديهم، في حين يختبئ حسن بين قدمَي الحُر الواثق يتابع في شغف. وفجأة ينظر الجميع إلى السماء وهم يشاهدون السيدة حورة تهبط بجناحيها العظيمين وهي في كامل زينتها. كان الجناحان يلمعان بنور خاطف متعدد الألوان، وكان على رأسها تاج لامع من جواهر تبرق تحت شمس سماء دولة اللاجئين، وينعكس ضوءُها على وجوه الواقفين، فيُغمضون أعينهم ويفتحونها من شدة الضوء. وكان على صدرها عقد لا يستطيع الناظر أن يميز من وهجه تفاصيل وجهها الباسم. ولم تكن هذه الزينة وحدها هي الشيء المبهر، ولكن المبهر حقًّا ما حدث حين فردت جناحيها على أرض مدينة اللاجئين، ليهبط من فوق جناحها الأيمن جمال، رجل بهي خمسيني، يرتدي عباءة خضراء وتاجًا من زمرد، وله لحية تجمع بين النور والظلال، فيقف كأن المهابة هالة تُحيط به، مهابة تزينها ابتسامة ودود. كان الناس ينظرون إليه في دهشة، وهو يتقدم نحو جناح السيدة حورة الأيسر، ويمد يده في أدب جم وانحناءة بسيطة، ليتلقى السيدة نوفلة ويساعدها للوصول إلى الأرض، لتهبط نوفلة، وما إن تلمس قدماها الأرض حتى يُقبِّل جمال يديها، وتربت على رأسه بيدها ومسبحتها الياقوت،

مشاركة من إبراهيم عادل ، من كتاب

أبناء حورة

هذا الاقتباس من كتاب