أبناء حورة > اقتباسات من كتاب أبناء حورة > اقتباس

‫ أما المصريون، فهم من الشعوب الطيبة على كل حال. جمعوا العديد من الخصال الحميدة وما هو دون ذلك، نظرًا إلى قِدم وجودهم على الأرض، فهم أبناء حضارة قديمة ودولة عريقة. صبروا على الاستبداد مرات وقاوموه، ومرات يستكينون له حتى تظن بهم الضعف، ثم يفيقون حتى تظن بهم الجبروت. لهم عقول متوقدة وأحلام بعيدة. يميلون إلى الكسل والنفاق، ويصنعون المعجزات فقط عند الضرورة. تراهم فتحسب أن قلوبهم شتى، وإذا جَدَّ الجدُّ كانوا على قلب رجل واحد. لا تستطيع أن تفرق بينهم في اللحظات الحاسمة، وتستطيع أن تقسم كل مجموعة منهم إلى فريقين في سفاسف الأمور. يندرجون في ألوانهم بين السُّمرة والخمرية، وبينهم قلة شديدة البياض من أصول وأعراق أجنبية. يتزاور أهل الدينين المختلفين وتنشأ بينهما الصداقات والشراكات. يقدسون الموت، ويحاولون أن يفهموا الحياة إن أتيح لهم الوقت. لا يوجد لخفة ظلهم مثيل، ولا لسخريتهم نظير. ليسوا قساة القلوب، ولا أهل حروب، لكنهم جنود مخلصون تستطيع أن تمتلك بهم العالم. هم أبناء الماضي القادرون على تحقيق المستقبل رغم غياب الحاضر. تراهم في كل مكان فتعرفهم، كأنهم موسومون بوسم. ليسوا في الغُربةِ أصدقاء جيدين بعضهم لبعضٍ كسائر الأقطار، لكنهم أصدقاء رائعون للأغراب. لا يستطيع أن ينساهم من عرفهم ولو ليوم واحد؛ قلوبهم لطيفة وأفكارهم ظريفة، سريعو الغضب، وسريعو التسامح والمغفرة، عزيمتهم تخور بكلمة، وتصبح حديدًا لا يلين بكلمة أيضًا. هم أعجب الخلق وأبسط الخلق، لا تملك سوى محبتهم.

مشاركة من إبراهيم عادل ، من كتاب

أبناء حورة

هذا الاقتباس من كتاب