جمهرة أشعار العرب في الجاهلية والإسلام 1/ 2 > اقتباسات من كتاب جمهرة أشعار العرب في الجاهلية والإسلام 1/ 2 > اقتباس

حدثنا المفضل، عن ابيه، عن جده، عن ابن اسحاق، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: وفد سَوادُ بن قارب على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسلّم عليه فردّ عليه السلام، فقال عمر: يا سواد! قال لبيك يا امير المؤمنين! قال: ما بقي من كهانتك؟ فغضب وامتلأ سَحْرُه، ثم قال: يا أمير المؤمنين؛ما أظُنّك استقبلتَ بهذا الكلام غيري. فلما رأى عمر الكراهيةَ في وجهه قال: يا سواد إن الذي كنّا عليه من عبادة الأوثان أعظم من الكهانة، فحدثني بحديثٍ كنت أشتهي أنْ أسمعه منك. قال نعم يا أمير المؤمنين؛ بينما انا في إبلي بالسَّراة، وكان لي نجيٌّ من الجن، إذ اتاني في ليلة وأنا كالنائم فركضني برِجلِه، ثم قال: قم يا سواد؛ فقد ظهر بتهامة نبيٌّ يدعو الى الحق وإلى طريقٍ مستقيم. قلت له: تَنحَّ عني فإني ناعس؛ فولّى عني وهو يقول:

عجبت للجن وتَبْكارِها ** وشدّها العيس بأوكارها

تَهْوي إلى مكة تَبْغي الهُدى ** ما مؤمنو الجنِّ ككُفارها

فارحل إلى الصفوةِ مِنْ هاشم ** بين رَوَبيها وأحجارِها

ثم لما كان في الليلة الثانية أتاني، فقال مثل ذلك القول، فقلت تنحَّ عني فأني ناعس؛ فولّى عني وهو يقول:

عجبت للجن وتَطْرابها ** ورحلها العيس باقتابها

تَهْوي إلى مكة تَبْغي الهُدى ** ما مؤمنو الجنِّ ككذّابها

فارحل إلى الصفوةِ مِنْ هاشم ** ليس قُدامها كأذنابها

ثم أتاني في الليلة الثالثة، فقال مثل ذلك؛ فقلت: أني ناعس، فولى عني وهو يقول:

عجبت للجن وأيجاسها ** وشدّها العيس بأحلاسها

تَهْوي إلى مكة تَبْغي الهُدى ** ما مؤمنو الجنِّ كأرجَاسِها

فارحل إلى الصفوةِ مِنْ هاشم ** واسْم بعينيك إلى راسِها

قال سواد: فلما أصبحت يا أمير المؤمنين أرسلتُ لناقةٍ من إبلي، فشددت عليها رحْلَها، ومضيت حتى اتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسلمت وبايعت، وأنشأت اقول:

أتاني مجيٌّ بعد هَدْء ورقدة ** ولم يكُ فيما قد عهدت بكاذب

ثلاث ليالٍ قولُه كلَّ ليلة ** أتاك رسولٌ مِن لُؤيّ بن غالب

فشمّرت عن ذّيْلي الإزار وارْقَلَتْ ** بي الذِّعْلِبُ الوَجْنَاء عَبْر السَّباسِب

فأشهد أن الله لا ربَّ غيره ** وأنك مأمونٌ على كلِ غائب

وأنك أدْنَى المرسلينَ وسيلةً ** إلى الله يابْنَ الأكرمين الأطايب

فمُرْني بما أحببتَ يا خيرَ مرسل ** زإنْ كان فيما قلتَ شَيْبُ الّضةائب

وكن لي شفيعاً يوم لا ذو شفاعة ** سِوَاك بمُغْنِ عن سَوَادِ بن قاربِ

هذا الاقتباس من كتاب