اقتباسات من رواية سادن المحرقة: قناع بلون السماء 2

‏- ولي اسمٌ آخر أطلقه عليَّ الجنود.‏

‫ ‏- ما هو؟‏

‫ ‏- مُخرِّب.‏

‫ ‏- وماذا خرَّبت؟‏

‫ ‏- لم أخرِّب شيئًا.‏

‫ ‏- حسنًا… لماذا سمَّاك الجنديُّ بهذا الاسم إذًا؟‏

‫ ‏- لا أعلم… ربَّما لأنَّني خرَّبت شارعنا المدمَّر ببعض المتاريس. ربَّما لأنَّني خرَّبت دولاب الجيب العسكريِّ الذي دعس صديقي حتى الموت. ربَّما لأنَّني خرَّبت حديقة أمِّي الزاهية منقِّبًا عن الحجارة التي سأقذف بها الجنديّ، لأنَّ قنابل غازه السامِّ أذوت أزهار أمِّي. لا أعلم، أنا مخرِّب. هكذا قال هو.‏

❞ أنتم تخشون على محرقتكم من نكبتنا.‏ ❝

لماذا لا يكون القعر هو الوجه الآخر للسطح؟ لماذا لا يكون الواقع مُصابًا بانفصام شخصيَّة، تارةً سطحٌ وتارةً أخرى قعر؟‏

❞ جميع الأبطال الخارقين خُلقوا على أيدي اليهود، منذ شمشون البطل الخارق، وصولاً إلى سوبر مان وباتمان وسبايدر مان وكابتن أميركا وإكس منْ. جميعهم شخصيَّاتٌ ابتُكِرَتْ لتعويض الذين طُهِّروا وحُرقوا على يد مخيِّلة سوبر مان آخر ❝

❞ ، فمن أنا بالنهاية سوى معاقٍ من معاقي جيش الدفاع الإسرائيليّ؟ أنا ضابطٌ سابقٌ معاقٌ لأنَّني مُصابٌ بآثار ما بعد الصدمة الحادَّة، ومصرَّحٌ لي بناءً على وصفةٍ طبِّيَّةٍ نفسيَّةٍ بتدخين الماريجوانا الطبِّيَّة ❝

أنتم تخشون على محرقتكم من نكبتنا.‏

لا طعم للحياة، للشارع، للبيت، للروائح، للبحر، للزمن. أنا لا أُعاني من آثار ما بعد الصدمة فحسب، بل أنا الصدمة بحدِّ ذاتها. أنا الصدمة والمصدوم. صدمني قطارٌ سريعٌ لم يبلغ محطَّته الأخيرة بعد، قطارٌ مُحمَّلٌ بكلِّ أعباء التاريخ والجغرافيا والآلهة والوصايا والذاكرة. كلاَّ، لم يصدمني القطار فحسب، بل أحالني إلى سكَّته التي لا نهاية لها حتى الآن.‏

الذاكرة هويَّة، والهويَّة قوميَّة، والقوميَّة تمنح الشرعيَّة.‏

أور، يا ولدي… إنَّ الخيال ملجأ الضعفاء. حسبهم هذا. في المحرقة، في أوشفيتز، كنَّا نتخيَّل أنَّنا سنحيا وسننجو من ذلك الجحيم. كنت أتخيَّل نفسي عروسًا بهيَّةً بكلِّ ما أوتيتُ من ضعفٍ وخوفٍ واحتضار. التخيُّل تحرُّر، وأمَّا اليوم فلم يعد أحدٌ يتخيَّل. اليوم نحن أقوياء، ولدينا وطنٌ وجيشٌ قويٌّ يحمينا ويقينا من شرور محرقةٍ أخرى

أور، يا ولدي… إنَّ الخيال ملجأ الضعفاء. حسبهم هذا. في المحرقة، في أوشفيتز، كنَّا نتخيَّل أنَّنا سنحيا وسننجو من ذلك الجحيم. كنت أتخيَّل نفسي عروسًا بهيَّةً بكلِّ ما أوتيتُ من ضعفٍ وخوفٍ واحتضار. التخيُّل تحرُّر، وأمَّا اليوم فلم يعد أحدٌ يتخيَّل. اليوم نحن أقوياء، ولدينا وطنٌ وجيشٌ قويٌّ يحمينا ويقينا من شرور محرقةٍ أخرى

أور، يا ولدي… إنَّ الخيال ملجأ الضعفاء. حسبهم هذا. في المحرقة، في أوشفيتز، كنَّا نتخيَّل أنَّنا سنحيا وسننجو من ذلك الجحيم. كنت أتخيَّل نفسي عروسًا بهيَّةً بكلِّ ما أوتيتُ من ضعفٍ وخوفٍ واحتضار. التخيُّل تحرُّر، وأمَّا اليوم فلم يعد أحدٌ يتخيَّل. اليوم نحن أقوياء، ولدينا وطنٌ وجيشٌ قويٌّ يحمينا ويقينا من شرور محرقةٍ أخرى

«من الجميل أن تخاطب الحلم، ولكنَّ الأجمل هو الإصغاء إليه… إلى شجنه»

وللتجوُّل في البيت راحةٌ منقطعة النظير. كلاَّ… ليست منقطعة النظير ولا ما يحزنون. فأنا خائفٌ هنا… خائف حتى النخاع. فلأجرِّب حظِّي إذن بادِّعاء شهيَّتي للإفطار. أمضي إلى المطبخ. أفتح الثلاَّجة. أعثر على بقايا بيتزا صالحةٍ للاستخدام الآدميّ. أضعها في المايكرويف. أُشرِّع ستائر نافذة المطبخ لأستمتع بمشهديَّةٍ صباحيَّةٍ نديَّة، أُشرف من خلالها على أحراش جفعات شاؤول التي تُطلُّ على شارع رقم واحد، الواصل بين أورشليم وتلِّ أبيب.

أنا الآن لست عالةً على المجتمع فحسب، بل معاقًا من معاقي جيش الدفاع. وللمعاق مزايا وحقوق، راتب وإعفاءاتٌ ضريبيَّةٌ وأولويَّاتٌ معيَّنة، والأهمُّ أنَّه حشَّاشٌ برخصةٍ قانونيَّة، بالإضافة إلى المواساة التي تصل إلى حدود الشفقة. هذه المواساة بالتحديد، المواساة المخدَّرة بالحشيش، هي التي جعلتني أتعثَّر بدوريت. يا اسم السماء! دوريت أخصَّائيَّة العلاج الطبيعيّ، الذي لم يكن طبيعيًّا البتَّة.‏

‫ ‏- هل يمكنكَ أن تسديني خدمةً يا أستاذ؟‏

‫ ‏يتفاجأ من اقتحامي حصَّته، غير أنَّه لا يلبث أن يُلبِّي رجائي بتخطيط اسمي على السبُّورة، ومن ثم على ورقةٍ في دفتري. يسألني بمرح:‏

‫ ‏- حسنًا… قل لي ما اسمك؟‏

‫ ‏- شابيرا… أور شابيرا.‏

بالنسبة لي أنا، فمنذ أن أحببتُ الكتابة بضمير الغائب أردتُ أن أكتب لأحيا بلا صدمات، لا أقلَّ ولا أكثر.‏

ثمَّة ذكرياتٌ للمستقبل نهرب منها بدفن أنفسنا في قبور الماضي.

ثمَّة ذكرياتٌ للمستقبل نهرب منها بدفن أنفسنا في قبور الماضي.

ثمَّة ذكرياتٌ للمستقبل نهرب منها بدفن أنفسنا في قبور الماضي.

ثمَّة ذكرياتٌ للمستقبل نهرب منها بدفن أنفسنا في قبور الماضي.