اقتباسات من رواية الأصنام : قابيل الذي رق قلبه لأخيه هابيل

كنت أخرج من بيتنا حافيًا، أحب المشي حافيًا حتى وقد بلغت الخامسة عشرة من عمري على الرغم من غضب أمي على تصرفي الأحمق هذا، حين أمشي حافيًا أشعر بأنني جزء من الأرض، جزء من التراب الذي أسير عليه، هو امتداد لقدمي، أحب الزنقة أكثر حين ألتصق بها من خلال قدمين حافيتين، أشعر وكأنني نابت فيها كشجرة ثابتة الجذور، أتمنى لو أن لي جذورًا تدخل في أعماق الأرض كلما جريت حتى باب فرن مولاي سليمان الطراح، حيث رائحة الخبز الصاعدة في السماء ترفع من درجة شهيتي لخبزة ساخنة مع قطعة زبدة ذائبة فوقها،

❞ قلت في نفسي: أين يذهب البياض حين يذوب الثلج؟

⁠‫قلت في نفسي: أين يذهب السواد حين يشيب الشعر؟

⁠‫قلت في نفسي: أين تذهب العاصفة حين تنتهي الصحراء ❝

الضائع لا يدل الضائع على طريق! كلنا ضائعون.

البروباغاندا تقتل التاريخ.

‫ الأيديولوجيا تغتال المحبَّة والحب.

الغرق يبدأ بانتصار حالة الضعف في الإنسان على حالة المقاومة.

وتحوَّلت كثير، بل جُلُّ الكنائس وجوامع اليهود، إلى مساجد لنا، لنا وحدنا نحن المسلمين ومع ذلك لسنا سعداء، فأين يكمن الخلل أو الخطأ، فينا أم في غيرنا أم في طريقة تعاملنا مع الآخرين ومع المكان؟

ها نحن اليوم ننعم بالاستقلال كما توقع أبوك، تمامًا كما تصوَّر، وها نحن أيضًا نعيش لوحدنا كما توقع أبوك تمامًا، ولكننا لسنا بسعداء، لم نكن سعداء حين كانوا هنا ولسنا سعداء وقد غادروا المدينة والبلاد، أغلقت الكنائس وجوامع اليهود أبوابها وفرغت من مؤمنيها، ورُفعت منارات المساجد الكبيرة الضخمة الجميلة في كل حَـيّ وفي كل درب وفي كل ركن، ولكننا لسنا سعداء،

صوت هذا المؤذن الجميل جعل المُصلِّين يفضلون الصلاة بمسجده عن المساجد الأخرى في الحي وما أكثرها، في كل حي بالمدينة ثلاثة مساجد على الأقل، وهو ما أثار غيرة كثير من الأئمة والمؤذنين فكانوا يخفون له غَيْرةً كبيرة.

‫ لم أكُنْ أعرف بأن بين المؤذنين منافسة وغيرة كما بين المُغنِّين ولاعبي كرة القدم؟

لم تَكُن قوات الأمن رحيمة بالأهالي الذين اعترضوا الموكب الإمبراطوري ولا متجاوبة مع مطالبهم، فمجرد أن غادر الإمبراطور المنطقة عائدًا إلى وهران هجمت قوات محمولة على الخيل مساكنَ ما بقي من أبناء القبيلة، فقتلت بعضهم وجرحت الكثيرين منهم من النساء والشيوخ ولم يَنجُ من الضرب والتعذيب حتى الأطفال.

ظل موقف أبي بوطالب فليتا يُشعرنا بالفخر أننا ننتمي إلى قبيلة فليتا الشُّجاعة، التي قررت اختطاف نابليون الثالث ومقايضة رأسه بقوافل الرجال والشباب الذين رمت بهم الإدارة العسكرية الاستعمارية في مُحتشَد نومييا Nouméa الكائن بواحدة من جزر كاليدونيا الجديدة البعيدة، حتى لا يفكر أحد منهم في الرجوع إلى المستعمرة والمطالبة باستعادة أرضه

منظر حطام الأرواح أكبر فجيعة من مشهد حطام الأشياء.

الناس في هذا الانهيار الشامل يشبهون البنايات التي تهاوت، يشبهون بعضهم بعضًا، بشر كالأنقاض إنهم جزء من الأنقاض أحياء كانوا أم أمواتًا

البكاء كالمطر رحيم بالروح وبالجسد

فاقدُ الطريق لن يدلَّك على أخرى.

ضياع الكبار مأساة وضياع الصغار مغامرة.

الضائع لا يدل الضائع على طريق! كلنا ضائعون.

‫ نحن مَشَاعٌ للحكومة وتحيا الاستقلال، وتحيا الثورة وليسقط الاستعمار الغاشم!

عاد والدي إلى البيت بعد عشرة أيام من الاختفاء، لم يجرؤ أحد على السؤال عنه خلال غيابه، الكل يعرف بأنه عند الحكومة، وحين يكون الواحد عند الحكومة فلا فائدة من سؤال الحكومة عن أبنائها الذين هم ملكيتها المطلقة تفعل بهم ما تريد!

الجميع يردد عبارة: "التصحيح الثوري".

‫ الذين قاموا بالثورة يصححون الثورة وذلك بقتل أو سجن أو عزل الثوار الذين قاموا بالثورة مع مُصحِّحي الثورة.

قلتُ لها: مَن يعرف الطريق إلى غرقه يعرف سبيلَ النَّجاةِ منه.