اقتباسات من رواية ميلاد هادئ

للمرَّة الأولى أدرك أن للروائح مقدرةً عظيمةً على استحضار الذكريات، وأن الأمس رغم قربه يبدو بعيدًا، وأن الخوف على مَنْ سكن روحك أشد وطأةً مِن خوف ذاتك على ذاتك، وأن شبح الموت يأتي في كل مرة لابسًا ثيابًا مختلفةً وقناعًا مختلفًا، وأنني لا أعرف كيف سيكون فَنَائي.

في الخيانة على عكس كل أمور الدنيا؛ كلما زاد عدد منافسيك كنت في أمان!

رائحة النساء خفيفة، هادئة، وجميلة في الصباح معظم الوقت، تتحول إلى رائحة كريهة متى اختلطت بعرقهنَّ المُنزلق من فروة رءوسهنَّ نزولًا لظهورهنَّ، مُتجمِّعًا حول أطراف حمَّالات الصدور الرخيصة أما الرجال فلا تختلف رائحتهم في الصباح عن المساء: نَتِنَة، وتزيد نتانةً عندما تضاف إليها رائحة الزيوت والتشحيم والتلميع ونشارة الأخشاب المشذبة!

كان شيءٌ في عزيز يجعلني أهتمُّ بالنظر إليه، وشيءٌ آخر يدعوني لعدم فعل ذلك؛ احترامًا لشيءٍ دفينٍ تحت جلده يحاول أن يختفي عن عيون الجميع.

أن الخوف على مَنْ سكن روحك أشد وطأةً مِن خوف ذاتك على ذاتك

ناموس الكون لا يخضع لأيٍّ ما كان، بل نخضع له جميعًا مهما حاولنا التمرُّد أو كسر قواعده.

وجود النساء في المنزل يجعل الحياة منتظمةً ومستقرة، دافئةً باعتدال

كنت للمرَّة الأولى أدرك أن للروائح مقدرةً عظيمةً على استحضار الذكريات، وأن الأمس رغم قربه يبدو بعيدًا، وأن الخوف على مَنْ سكن روحك أشد وطأةً مِن خوف ذاتك على ذاتك، وأن شبح الموت يأتي في كل مرة لابسًا ثيابًا مختلفةً

فمشاعر الحزن الناتجة عن الفراق ممتدة المفعول، طويلة الأجَل، وأقوى من أي مواساة.

‫ فلا مصائر بأيدينا، ولا أشواق بعد الموت يمكن أن تُوصَل.

فالافتقاد شيءٌ لا يُمكن وصفه، خواءٌ في أعمق أعماقك تصدح فيه الآهات، تتكرر صداها ألفَ مرةٍ ومرة.

وما البلاء والمِحَن إلا عقابٌ من اللـه لعبده الذي ضلَّ الطريق.

وعرفت أن لكل إنسانٍ طريقتَهُ في الحديث إلى الإله، لا يهم أين ينظر ولا طريقة توجيه الدعاء، لكن المهم أنهم كانوا يتحدثون معه جميعًا وكأنهم يرونه، ويوقنون أنه يراهم.

من الواضح أن اختفاء صديق لا يعوِّضه إلا وجود صديق آخر؛ وكأن القلب والروح والنفس لا يقبلون بالوحدة مهما حاولنا أن نثنيهم عن ملء مكان الغائبين بغيرهم.

فالحياة لا تتوقف مهما حدث في الدنيا، وناموس الكون لا يخضع لأيٍّ ما كان، بل نخضع له جميعًا مهما حاولنا التمرُّد أو كسر قواعده

هل تعرف ما الذي يميِّز الأصدقاء الحقيقيين؟ أنهم يعرفون تمامًا ما نودُّ سماعه، وما الوقت الذي نحتاج فيه هذه الكلمات تحديدًا، سواء أكانت مديحًا أم عتابًا أم تشجيعًا، أو حتى كلمةَ شكرٍ بلا مناسبة ولا سبب، وأنت تفعل كل هذا يا صديقي العزيز

جميل أن يكون لك فرصة لتبدأ من جديد، لكن الذكريات تجعل للأمر قيمة.

هل الدين يدعو إلى الفُرْقة؟ إلى تشتُّت العائلة؟ إلى هجرة الأرض لإرضاء الإله؟ أم أنها طبيعة البشر التي تطبع بصماتها القاسية على تعاليم الآلهة، فتكسو صفاءَها بضغائن بني الإنسان وقسوته؟

فنحن نُولَد على الصورة التي يجب أن نبقى عليها: مُحِّبين، مستسلمين، راضين، لكننا مع الأيام نتلوَّن بكل ما من شأنه أن يعكِّر صفو قلوبنا، وعليه فنحن نظل نقاتل شياطيننا لنعود إلى صورتنا الأولى

"الأحمق الذي يعرف حماقته..

‫ هو حكيم، هنا على الأقل

‫ لكنَّ الأحمق الذي يرى نفسه حكيمًا..

‫ هو أحمق حقًّا!"

وأدركتُ حينها أن الابتهالات من دون موسيقا خشوع، لكنَّ الغناء من دون موسيقا يأس!