اقتباسات من رواية فوق جسر الجمهورية

تركت دموعي تختلط مع دموعها. فجأة غاب الألم وحلّت مكانه مسرّة غامضة تسري في كياني

أفضل أن أعيش حياتي والناس يعتقدون أنني غبية على أن أكون ذكية لمجرد أنني أعرف عدد الفقرات القطنية، أو لأنني لا أخطئ في ترتيب الجدول الدوري للعناصر الكيميائية في الطبيعة.

كنت دائماً أقول: عندما أكبر سأعرف ماذا أريد من حياتي، لكنني لم أكن أدرك ماذا أعني بعبارة: (عندما أكبر).

أريد أن تموت جدتي، بدونها سيكون هذا العالم باهتاً مثل رغوة من الصابون.

كنت مغرمة بتلك الزخات السريعة التي تهطل في بغداد من غيوم ليست ثقيلة. تكون الشمس مستعدة للظهور بعد توقفها مباشرة،

صغار سعداء ليس لديهم ما يفكرون به. أرواح لا تموت مرة أخرى ولا تحزن، لا تغادر بلدها وليس لديها ما تفعله.

هناك شعور خاص ينتاب المسافرين، هو التحرر من التعود على الأشياء ذاتها.

وكنت أبكي لفقدان ذكرياتي.

الإنسان معرض للنسيان بطريقة مؤلمة. كيف ينسى أحدهم البيت الذي عاش فيه؟

ستصلي مارگو للعذراء وتبكي حتى يتلاشى الدخان الأسود. تعود السيارات مسرعة في صباح اليوم التالي. ستمضي نحو منتصف المسافة. تفتت رغيفها البارد للطيور الحزينة. من وراء بناية المطعم التركي، ستشرق الشمس أو ينزل المطر يغسل آثار الموت على الإسفلت أمام جسر الجمهورية.

الأرواح في الفراغ وقفزت النوارس مرة أخرى، لكنها هذه المرة طارت بعيداً.

‫ ستصلي مارگو للعذراء وتبكي حتى يتلاشى الدخان الأسود. تعود السيارات مسرعة في صباح اليوم التالي.

لو كانت داليا شجرة ستكون نخلة، لو كانت طائراً ستكون بجعة، لو كانت فصلاً من فصول السنة ستكون الشتاء، لو كانت حشرة ستكون فراشة، لو كانت مدينة ستكون باريس، لو كانت نهراً ستكون دجلة، لو كانت لغة ستكون الفرنسية، لو كانت وردة ستكون الجوري، لو كانت آلة موسيقية ستكون الأورغن التسعيني، لو كانت جسراً ستكون جسر الجمهورية، لو كانت ضوءاً ستكون شمعة يحملها النهر بعيداً عن مقام خضر الياس، لو كانت موجودة الآن، لكنت أنا النخلة والبجعة والفراشة والشتاء وباريس وكل شيء.

لا فرق في حياتنا بين عبور جسر الجمهورية أو عبور جسر الشهيق الأخير قبل الموت.

نولد ونعيش ونموت في صحبة الألم. نتسابق نحو نهاياتنا دون أن نفكر بغباء الثواني التي لا ننتبه لرغباتنا. لا فرق في حياتنا بين عبور جسر الجمهورية أو عبور جسر الشهيق الأخير قبل الموت.

وكيف تحولت إلى أشباح من الصور المترامية في الخيال والحلم والذكرى.

رأيته بلون الدخان. كل شيء يصعد خطوطاً متداخلة مثل الأوتار التي رسمها لي أبي وهو يفسر نظرية الأكوان المتوازية. تصعد الخطوط نحو الغيوم وتتشابك وتصير كوناً واحداً هشاً. تعود داليا وتجلس وراء الكومبيوتر، تكتب لي:

حدث الانفجار الكوني وتناثرنا.

ذلك الحزن الضروري للإحساس بوجودنا. الحزن الذي يجعلنا ننميه بداخلنا ونشعر معه أننا خفيفان في هذا العالم. الذي تدافع عنه مشاعرنا من أجل أن يستمر ساعات إضافية.

ولدتا من رحم الهدوء.

تمرين قاسٍ في تعلم قبول الموت.