اقتباسات من كتاب أربع محاولات للحياة

وما الحنين إلا كائن رقيق، عميق، شديد الوجع، صرتُ أتقن الهروب منه كلما لاح لي ولو من بعيد، أعترف أنني صِرتُ أخافه بحق!

لا شيء يؤلمك في الكتابة سوى البراح الذي ستعتاده بمرور النصوص في رئتيك.

العجيب حقًّا أن أطفالنا، كُتل اللحم الصغيرة الحمراء التي نتسلمها في المستشفى ذات يوم سعيد، يكبرون فتصير لديهم شخصيات وكيانات مستقلة عنا، كيف يحدث هذا في غفلة عن عيوننا؟

ما زال الحنين لعبة القلب الذي يرفض الاعتراف بأننا أصبحنا وحيدين.

الرسائل هي صوت القلب الهامس.

للاعتراف سِحر عظيم اسمه سِحر البوح، يفوح منه عبير خاص للغاية، مزيج بين الراحة والتطهر والتخفف، والتعافي بالحكي.

فربما ينبت من العزلة أنيس حقيقي، وربما يختبئ خلف الصخب بشر وقت حاجتك إليهم يرفعون شعار لا أحد هنا، فنحن لسنا سوى خواء!

فقد علَّمتني الحياة أنه ليس هناك حكم نهائي على الأمور أو الأفكار، وأننا نتغير. تتغير نظرتنا للحياة، وأحكامنا على الأمور، التي ظننا طويلا رسوخها، وأن معنى الكلمة الواحدة قد يختلف كثيرا حسب سياق الجملة.

أن تندم لأنك فعلتَ أفضل من أن تندم أنك لم تفعل.

«خاطر بأي شيء! لا تُعرْ أي اهتمام بآراء الآخرين، أو بهذه الأصوات، قـم بفعل أصعب الأشياء على وجه الأرض مِن أجلك، تحرك من أجلك، واجه الحقيقة».

الحنين حارس قلبك الحنون لكل الذي لم تعُد تملكه.

«بعض الأفكار صلوات تكون فيها النفس جاثية على ركبتيها، مهما كان وضع الجسد».

الحنين.. ويا ويل مساكين البشر من الحنين. عطر الذاكرة المشبع باللهفة إلى الأحبة الراحلين. الأغنيات القديمة التي تصيب القلب برعشة مُفاجئة.

أعتقد أنني كبرت بما فيه الكفاية كي أعترف بأن للحنين سِره الخاص. وسِر الحنين البراءة.

وأعترف بإيماني كثيرا بمقولة باولو كويللو: «أنت على خطأ في قولك إن الآخرين تعافوا من الصدمة، هم خبئوها وحسب في مكان بعيد، لا يقصدونه أبدًا »

نعم، غالبا ما تكون الاعترافات صادمة، موجعة، قاسية، كاشفة، لكن الغريب أنها رغمًا عن كل هذا تُريح وتطهر، وتشفي، ويشعر مَن فعلها بأنه خفيف كريشة مُستسلمة تحركها الرياح، إن الأمر يشبه السحر فعلًا!

الأغرب من خداعك المُبالغ فيه وتتبعي المستسلم لخُطاك هو أنك ما زلت هذا الحالم الذي لا يشبع من الحلم والترحال. والأهم أننا ما زلنا أسرى نفس الوحدة التي هربنا من بلادنا خوفًا منها.

الفراق صعب مُرّ، لكن لحُسن الحظ أن الذكريات موجودة، والمحبّة موجودة، لا شيء يقدر على انتزاعها، حتى وإن خبتْ وقتًا، فستنبعث فجأة وتفاجئنا، ويومًا ما سيكون اللقاء.

وفي كل خروج من ضيق آمن إلى براح منتظر لم يعرف سوى الخوف وحسرة النظر إلى الخلف وفي كل مرة يكون كرم ورحمة الرحمن أوسع وأعم وأشمل وما الموت إلا براح أكبر من براح الدنيا بما ضاقت وضنت به علينا . و ما كرم و رحمة الرحمن بعده إلا العجب الذي خلقه الله لمخلوقات تولاها دومًا بالحفظ و الرعاية. فأي حُمق أكبر من الخوف من براح يملؤه الله برحمته ؟!

الحياة توازنات، والسعيد منا مَن يصل لترتيب أولوياته الصحيح الذي يحقق له معادلة السعادة والاكتمال