اقتباسات من رواية بيت خالتي

❞ ألمُ الجرَب والجوع ونقص المعادن لم يكُن أقل من ألمِ التعذيب، الجرَبُ كان فيه ألمٌ نفسي بسبب تَعوُّدنا على النظافة». ❝

❞ مجرد نطق كلمة المُعتقل أصبح شرًا يُنصح بتجنبه. ❝

❞ باختصار كانت مراهقتي جحيمًا بسبب مقارنتي المستمرة لنفسي مع أنس ❝

«إيماني كان يركز على أنَّ هذه الدنيا امتحان، وأنَّ الله خلقنا لكي نجتاز هذا الامتحان، صعوبة هذا الامتحان أمر طبيعي، تعرض البعض منا لصعوبات أكثر من غيره أمر طبيعي أيضًا، وسيكون جزاؤه أيضًا أكبر لاحقًا، في الآخرة

لم أفهم لماذا. اللاوعي يعمل بطريقة غامضة. يمارس انتقائية غريبة على ما يحدث حولنا. يختزن كل شيء ولكنه يقرر ما سيستخدمه معنا على نحو غير متوقع.

لا اعلم ماذا افعل وماذا اقول سوريا جنة على الأرض سوريا مهد الحضارات والمستقبل وكل شيئا كانت سوريا أمن وأمان وكل العالم تأتي إليها ولكن بعد ذلك حدث كل شيئا وضاع كل شيئا وانتهت ولكن لم تنتهي في قلوبنا مازالت ولا تزال اجمل وجنة وعلى الأرض سوريا يا حبيبتي يا اجمل الاوطان مافي من بعدك الله يرجعنا عليها وتكون أمن وأمان واجمل بلد عربي شامي

خمس مراحل للحزن، وغالبًا خالتي في واحدة منها الآن. الإنكار،

الغضب،

المساومة،

الاكتئاب،

ومن ثَمَّ التقبل والاستسلام.

مع الموت يصعب الإنكار التام، لكن يمكن لحالة الإنكار أنْ تستمر معها فيما يخص انتحار أنس. إذا كانت قد سمعت بذلك أصلًا.

❞ ليس الأمر أنْ نطرح أسئلة على الامتحان بل هو أنْ نعد أجوبتنا له إنْ لم يتغير هذا الواقع المحيط حولنا، بكل ظلمه، بكل قسوته، فعلينا أنْ ننتقل نحن إلى أفق أعلى لكي نستطيع التحمل إنْ لم تكُن إجابة الدعاء بتغيير الامتحان، فعلى الأقل يمكن أنْ تكون بالقدرة على الصمود فيه.

‫ وكلما كانت المعاناة أكبر، والمعنى الذي وجده الشخص كبيرًا، تخرج من مدرسة التجربة أقوى وأكبر ❝

" عندما يموت واحدٌ منا، كنتُ أفهم أنَّ الموت كانَ يجلسُ بجانبه "

" كل ما مررتُ بهِ يسكنني بشكلٍ دائم "

قدّر فهدى. أحسست أنني سمكة صغيرة أتلمس طريقي في بحر الظلمات. لكني أجده، رغم كل الظلمات، هناك نور يقودني إلى الطريق.

كنت أشعر أني داخل مسلسل رعب بلا حلقة أخيرة. أحسد من تأتي حلقتهم الأخيرة بالموت. وأتساءل، متى أرتاح وأموت… مسلسلي كان طويلًا جدًّا.. كنت أتمنى الموت فقط

كنا أتفه من أن يترك تحضير الشاي وشربه من أجل موت واحد منا أو ثلاثة

كنت متأكدًا مِن أني سأموت.. لا أعرف كم عدد الجثث التي رأيتها، لكني اعتقدت أنَّ كل من يدخل هنا يموت.. تصورت أنَّه لن ينجو أحد

تركوني يومين دون طعام، في صباح اليوم الثالث طلبوا مني أنْ أختار جثة من الجثث لكي آكل لحمها. قلت لهم إني لا أريد أن آكل أي شيء. تركوني يومين آخرين. جاؤوا وطلبوا مني أنْ أختار جثة لآكلها، رفضت، فقالوا إني إنْ لم أختر، فإنَّهم سيأتون بابن أختي ويشوونه أمامي، ويجبرونني أنْ آكله

استيقظت ووجدت نفسي في عنبر كبير مليء بالجثث.. الكثير منها كانت مغلفة بأكياس. لم أفهم أين أنا. لدقائق اعتقدت أني في الآخرة. أني مت وأنَّ هذه هي الآخرة.

الجثث مُكومة على أرض الحمام، براز ودم وبول مختلط بالجثث، وفي مكان يضطر كل المعتقلين إلى الذهاب إليه، بل يضطرون إلى المشي على الجثث، لأنها تملأ أرض الحمام.

‫ لماذا يحدث ذلك؟

‫ لكي يشعر المُعتقلون أنَّهم لم يعودوا بشرًا. فقدوا إنسانيتهم، هذه الجثث تعود لمن كانوا مثلهم، ذات يوم، بشرًا، ثُم صاروا مجرد كومة من اللحم والدم والبراز. وعندما يأتي دورهم في الموت، سيكونون مثل هذه الكومة. أقرب إلى الحيوانات. لا يعاملون كبشر حتى بعد موتهم. بل حتى الحيوانات تُعامَل أفضل منهم.

«الوطن؟ الوطن هو أصدقائي الذين استشهدوا تحت التعذيب أو اختفوا أو تفرقوا بين القارات. لم يَعُد عندي وطن».

لو فكرنا قليلًا بالأمر، لوجدنا أنَّنا نتعامل مع فئات بشرية كثيرة -أحيانًا من ضمن مجتمعنا نفسه- بالطريقة نفسها، ببساطة نعتبرهم أقل، أقل منا. نفعل ذلك لاعتبارات مناطقية أو دينية أو طائفية أو عرقية

الألم سيكون امتحانًا فقط عندما نفهم لماذا هناك ألم ونجد له معنى. دون هذا ستكون المعاناة محض عبث. ليس الأمر أنْ نطرح أسئلة على الامتحان. بل هو أنْ نعد أجوبتنا له. إنْ لم يتغير هذا الواقع المحيط حولنا، بكل ظلمه، بكل قسوته، فعلينا أنْ ننتقل نحن إلى أفق أعلى لكي نستطيع التحمل. إنْ لم تكُن إجابة الدعاء بتغيير الامتحان، فعلى الأقل يمكن أنْ تكون بالقدرة على الصمود فيه.