بليغ. طلال فيصل.
تنتشي ابنتي، رغم سنواتها الست و لكنتها الباريسية، بعزف القانون و تطرب لسماع المقدّمات الطويلة لأغاني أمّ كلثوم.
هذا هو سحر الربع تون ينتقل في جيناتنا الشرقيّة رغما عنّا.
و هذا ما نكتشفه مع "بليغ" طلال فيصل. نكتشف أنّ بليغ حمدي لحّن تقريبًا كلّ أغانينا المفضلة.
و لكن هل كانت هذه سيرة بليغ حمدي أم سيرة الحب ؟
هل بليغ هو كتاب عن ملحّن عبقري كان "فلتة" زمانه أم هو كتاب عن الحب و العشق و الجنون ؟
تتداخل المصائر في ثلاث محاور مستقلة رغم تشابكها و تشابهها و تقاطعها و لكنّها تتفق على حكمة أزلية " كسم الحب".
الحبّ كان دافعاً و محرّكًا لألحان بليغ و لكتاب طلال و لتزهّد سليمان.
بليغ حمدي الذي عاش حياته بالطول و العرض محاولاً فقط أن " ينبسط". أخذ الحياة بكلّ سهولة. لا يفكّر كثيرًا. يلحّن و يغنّي و يستمتع. لكنّه احترق في النهاية ككلّ النجوم.
و طلال فيصل أيضاً عازف ماهر. يعزف على كلّ الآلات. يتنقّل في روايته بين المعرفة الموسوعية بعالم الموسيقى إلى التفاصيل الأكثر حميمية من حياة "ابن النيل".
مثل البهلوان يقفز بين الأزمنة و الشخوص.( قفزٌ قد يجهد البعض من قرّائه.) و يستحضر الأرواح بالكلمات.
فهاهي الانغام تسكنك و لا تتخلّص منها حتّى بعد تركك للكتاب.
ها أنت تدندن لحنًا خلته منسيًّا و تزيل غبارًا تراكم على كرّاسات قديمة تحمل لحنًا أو شعرًا أو وردة.
وردة التي حمّلها بليغ و من ورائه طلال فيصل كلّ المسؤولية. و كأنّ الحبيبة المعبودة يجب أن تكتفي في حياتها بشرف المعبد الذّي أُقيم لها.
أعتقد أنّ الكاتب ظلم وردة و من خلالها إيما و ماريال و الأخريات..
لأنّ "الحبّ أوله هزل و آخره جدّ" و لكنّ بليغ و إخوانه يقفون عند "ويل للمصلّين"..
و لأنّ التاريخ يكتبه المنتصرون و قد انتصر طلال فيصل قطعًا لبليغ حمدي.