"سمي يحيى ليحيا!"، رواية تاريخية، تمزج التاريخ بالخيال الذي يسد الفجوات في التاريخ الذي وصلنا، يروي لنا حكاية يحيى الكركي ابتداءً بسنة الطاعون في قرية جلجول في الكرك عام 1575 وحتى قتل الكركي عام 1610 في دمشق. الكتاب مشوق، أسلوب الكتابة رائع، الكلمات قوية، واللغة العربية حاضرة بجمالها. وُلد يحيى لأبوين دًفن لهما من الأبناء الكثير عند الولادة حتى كان بقاء هذا الولد حيًاً معجزة! بقي الولد حياً وماتت الأم، تولت الأخت تربية الأخ الصغير المعجزة، الذي تعلم وذهب إلى الكًتّاب، أصبح يتأمل في الكون ويتفكر. يتحدث الكتاب عن حقبة تاريخية ساد فيها الظلم في بلاد الشام، وارتفعت الضرائب، وفقر الناس، وظلم بعضهم بعضاً. اضطر يحيى إلى السفر أكثر من مرة، وترك قريته التي نشأ وتربى فيها، ذهب حيثما ذهبت به الدنيا، إلى مصر، ثم عاد إلى الكرك، ثم إلى دمشق. يحيى شابُ عالم، حيي، متفكر، محب، جمع حوله الناس ممن أحبوا مناقشاته وجداله، لكن انتهى به الأمر حين اعترض على الظلم إلى نهاية وجوده، إلى ظلم أكبر، وإلى عذاب. أحببت الفصل الأول كثيراً، أحببت وصف تفاني الأخت في تربية أخيها، أحببت المشاعر المتدفقة، أحببت لهفة الناس على بعضهم بعضاً. رواية متقنة، تطلبت جهداً كبيراً في كل صفحة من صفحاتها.
يحيى
نبذة عن الرواية
"يحيى" عمل روائي جديد للأديبة الأردنية المعروفة "سميحة خريس" تقدم فيه قراءتها النقدية للواقع الاجتماعي والحياة الاجتماعية المعاصرة بالارتكاز على التاريخ. فمن خلال شخصيات وأحداث ومحطات متعددة تستحضر الروائية ثقافة مجتمع ما قبل الحداثة لترصد من خلال حياة عائلة "أبا طحان" وولادة "يحيى" تاريخ أجيال ومدن وأناس كثيرون في محطات متعاقبة كيف تتغير وتنمو وتحب وتكره وتتصارع. هذه الرواية تمثل برأي الكاتبة "رحلة شك ويقين لدى إنسان ينتقل بين العالم العربي ويتعرض لتيارات فكرية كثيرة ويدفع حياته ثمناً لهذا الاختلاف". ومن خلال نسيج درامي – إنساني متشابك مع زمن الرواية تغوص الروائية في ماهية الإنسان وفي علاقاته الجدلية بالعالم وبذاته وفي تعدد مجالات الحياة الاجتماعية وتنوعها المطرد. ففي مشهد يترافق فيه الديني مع الغيبـي تتلازم الرغبة في البقاء مع محاولة اكتشاف القدرات الغيبية حيث تتصرف شخصيات الرواية تبعاً لوحي إلهي أو لجوهر متعال أو وفقاً لتقاليد وأعراف موروثة "… في الحضرة، يغالي الرجال في غيبتهم، يتوسلون، ويتوصلون بالجهد إلى نشوة عالية، ينخرط يحيى في الجمع ويصل مبتغاه من النشوة، ثم يفتح عينيه ويحقق في الفراغ، كأنما أفاق، ينتحي وحيداً مثل سر مقدس، هادئاً، محاطاً بهالة تقديس جمعت إليه الصحب في الأماسي…". هكذا هي "سميحة خريس" تكتب داخل الفن الصعب، فن الحياة، فن العيش تكتب بأسلوب نقدي لاذع لما آلت إليه أوضاع الناس وأذهانهم في جميع مناحي الحياة، تبحث لأبطالها عن مخرج تعيد بكتاباتها صياغة العالم من حولنا، هي محاولة لفهمه وقراءته لا أكثر بعيداً عن تغييره. "يحيى" شهادة جديدة على اجتهاد روائية تكتب بأمانة وحس نقدي جذري للواقع وتعليق عليه لتكشف للقارئ صفحات من تاريخ مضى ولكن إرهاصاته ما تزال تكبل أجياله اللاحقة…التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2010
- 452 صفحة
- [ردمك 13] 9789948446163
- ثقافة للنشر والتوزيع
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
أبلغوني عند توفرهمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
رجبولا
Aug 30, 2012
انتهيت لتوي من قراءة الرواية ، و لو أني تحريتُ منها موقفاً أدق سأقول أن الرواية انتهت و ابتدت الحكايةُ لتوها ، فنَص الروايةُ لم يكن عقلي و مداركي تتعامل معه بروح الرواية التي انتهي من من فصل لأٌجهز على الآخر ، بل كانت فصولوها تفصلني روحاً و جسداً و تُعيد جمعهما و لملة شظى أفكاري بتوائمٍ أعلم أني سأفتقده و سأعترض لنوبات إنسحاب لذيذِ سُمها من خلايا روحي .
صُلْبُ الرواية مُتسقُ بتناغمٍ بديع مع حكاياتها الجانبية التي ما خرجت في أيٍ من مواضيعها عن الصلب فأخذتني نشوة الحكايات الجانبية في دوامتها دون إنحرافٍ عن "يحيى" صديقي الذي عايشتهُ و سهرتُ معه ليالي نتجاذبُ أطرافاً مِن كُتبٍ قدست بنور ربها ، أو وَجلت لها صدورنا و كشَفت سؤل لاح يوماً بخاطرنا فانجلى ، مُنذُ ان غَمس اصبعه بقنينة الحبْرِ بالكتاب ضحك الجمْعُ سخريةً إلايّ خَبُرتُ في نورٌ برز بعينيه نشوةُ التأمل و مع خطوط الضوء و مبرزاتها مع الظلِ تبينت أنه يدنيني .
الروايةُ تثبتُ أركانها أوتادٌ أربع ، التاريخُ و الجغرافيا أو (الجغرافيا التاريخية) و السياسة و الإجتماع و التأمل ، يشد الأخير وثاق سابقيه بحنوٍ و صبر و تمهلٍ في إطلاق الاحكام و الإستيعاب الكُلي للتفاصيل ، طارقةً فترة غفل عنها لأنها حقاً مرهقةً من كثرة مصائبها و حوادثها المفصلية ، فآل عُثمان في القسطنطينية و في قبضتهم الشام و مصر التي كانت ما تزال في قبضة المماليك و ملامح الحياة السياسة المُتقاربة حد التطابق ،و تأثير ذلك على المجتمع الطبقي المُنقسم بين نبلاء و موالوون و شعب مُنهك وراء قوته، و انعكاسات ذلك في مرآة الإقتصاد ترى "سميحة خريس" بعين يحيى الحُر و تجعلك ترى بناظريه المتقلبتين في السماء راقصاً على سُلم الشك فاليقين مسحوراً بعيون الحكمة تذيبه معانيها الباطنة و بين مجلس ابن عربي بفتوحاتهِ و فصوصِ حِكَمه ماراً بالحلاج الذي تقاسم معه مصيره ، مسافراً في البلاد بين الكرك و سيناء و القاهرة فدمشْق مراقباً لإختلاف الأرض – رغم اقترابها- و العباد .
مناظراتٍ عدة في الرواية تجعلك الكاتبة تجريها بنفسك طواعيةً إذا ما تبينت ، فما أشبه الحال بين عُلماءِ أمتنا الحاليين الذين يتتشاغلون بهمومِ الامةِ بفقرائها و مُشرديها و مستعبديها الواقعين تحت بطش الطغاة في سبيلِ قشورٍ لا تسمن و لا تغني من جوعٍ على اختلافِ أنواعه ، فعلماء الأمس تركوا عبادة الشعبِ للسلطان و مقاسمته لهم أرزاقهم و تفرغوا لتبين ما إذا كان البُن حلال أم حرام ، كما يفعلها معاصرونا مع القياس ، ملقيةً بين الفينة و الأخرى الضوء على ومضات و شذرات تاريخية تضع على عاتقك واجب البحثِ عنها لمعرفة مُجمل الوقائع بطريقةٍ جعلتني أعتقد أنها عن قصد تفتحُ للقارئ عيناً على مُلماتِ شَكّلت واقع ما آل إليه الفكر الإسلاميّ و هو ما أكده ذكرها لكل المراجِع التي اقتبست منها أو عرجت عليها في الإرتقاء بنصِ روايتها التي ما خطتها إلا لحاجةٍ في نفسها قضتها .
الفَصلُ الأخير تحكي من خلال مُحاكمة بطلِها تاريخاً للتسييس الدين لخدمة الراعي و تقنين بطشِه فهو – الزلزلة- التي أعدها مرجعاً عصرت فيهِ فِكرها و أودعته خِتاماً لمن أراد إلى التَفَكُر سبيلاً .