قلما تمنحنا الحياة فرصة جديدة، بعثا آخر بعد الموت عله يصلح ما أفسده الآخرون...
*******
في عالم البرزخ، بين حياة مضنية وموت وشيك، طافت روح جل ما أهمها كان البوح والمواجهة، حتى وإن غاب الحضور المعنيون.
تنقلت بين مراحل ثلاث، بين قيامة تكشف عن أصل المأساة وجذورها ومواجهة ممتدة تسرد كل ما لم تسنح لها الفرصة للبوح به وصحوة لغد جديد، يحمل حياة أجمل ماكانت لتُعاش لولا السقوط، لولا الموت...
حملت تلك الروح على عاتقها أصعب المهام، وهو البوح وكشف الآلام التي لازالت تنزف وتستنزف روحها وعمرها. كشفت عن قصة حب جاءت لتحملها بعيدا لعالم خيالي براق (أو هكذا كانت تظن) من شأنه أن يعوضها بل وينسيها تماما كل ما لاقت من إهمال ووحدة من أقرب الناس. لتستمر قصة الحب من أقصى علو لهبوط حاد، موجع، صادم، يأخذ في طريقه كل أمل وأمان وحلم بغد أفضل، لتقرر بطلة القصة أن تضع النهاية بنفسها.
ولكن...
الحياة أمهلتها فرصة جديدة، لتعيد النظر، لتفكر، لتتأمل، فتدرك أن قصص الحب الحقيقية هي أبعد ماتكون عن ماعاشته، وأن للمقربين مهما استبدوا، حقا، ونصيبا من الحب والرعاية، لعل الله يحدث بعد ذلك (حبا) وينشئ من فيض الألم القديم أملا.
***
في عمل روائي راق وبديع، سردت الكاتبة رضوي الأسود مأساة الكثيرات ممن تاهت بهم الدروب بين بيوت جامدة وقصص حب واهية، ولكنها عدلت من النهاية الموجعة المتكررة لتمنح كل قارئة (أو قارئ) الأمل في البدء من جديد، في مواجهة النفس قبل الآخرين وفي تصحيح المسار.
الطريق الذي لا تمنحه الحياة إلا للقليلين...
هذه ليست قراءتي الأولى ل ا. رضوي، ولذلك أحببت التأكيد على أن أكثر العناصر جذبا في أعمالها لغتها القوية الرصينة المبهرة في تنوعها وفي قوة التمكن منها، وأضيف على ذلك تمكنها من سبر أغوار النفس البشرية والافصاح عن كل مايدور بها ما مشاعر وأفكار والآم.
لا أخفيه سرا، لقد عجزت عن اختيار مقتطفات أو سطورا أعجبتني لكثرتها، فلنقل أن العمل بأكمله تجربة انسانية رائعة تحمل كل كلمة فيها، كل عبارة وكل مشهد مايلامس عقل وقلب كل قارئ.
أمنية عز الدين