المؤلفون > شكوفه آذر > اقتباسات شكوفه آذر

اقتباسات شكوفه آذر

اقتباسات ومقتطفات من مؤلفات شكوفه آذر .استمتع بقراءتها أو أضف اقتباساتك المفضّلة.

شكوفه آذر

عدل معلومات المؤلف لتغيير تاريخ الميلاد أو البلد

اقتباسات

كن أول من يضيف اقتباس

  • ومن بين الأراضي التي عرضها علينا سكّان القرية لبناء منزلنا عليها، أحبّت أمي -بعد رؤيتها معابد النار الأثرية القديمة والمُدمّرة على الرابية المطلّة على القرية- الأرضَ التي تبلغ مساحتها خمسة هكتارات، والتي لم يفكّر أحدٌ في بنائها وإحيائها على الإطلاق، بسبب بُعدها عن القرية وطريقها السيِّئ. في الحقيقة لم يكن في القرية من يشتري أرضاً من شخص آخر؛ إذ إن أرض الله كانت لا تزال ملكاً للناس. وكما يقدّم الأناس الطيّبون الأضاحي لجيرانهم، أعطونا تلك الأرض التي تبلغ مساحتها خمسة هكتارات وقالوا: «إنها أرض الله؛ أعمروها!». في ذلك اليوم عندما وقفت أمي على تلك الرابية، التفتت إلى أنقاض معبد النار وقالت: «لقد هربنا أيضاً، مثلما فعلتم تماماً، أيها الزرادشتيون، قبل 1400 عام!».‬‬‬

  • بعد مرور نصف ساعة فقط، كانت باحة السجن قد امتلأت بجثث الزوّار الذين قُتلوا بالخطأ، وكذلك بالريش الملطّخ بالدماء لطيور السنونو المغرّدة. وعادت السماء صافيةً زرقاء مرة أخرى، وكأنها لم تتحوّل إلى اللون الأسود من الطيور المهاجرة قبل بضع دقائق. جلس الحرّاس في زوايا الفناء ليستريحوا وليلقوا نظرةً على جثث الطيور الملطّخة بالدماء التي كان لا يزال ريشُها الأسود والأبيض يحلّق في الجوّ. من كان يتصوّر أن كل تلك الطيور المسكينة ستُقتَل لمجرّد خطئها في ميعاد موسم الطيران؟! ضحك أحد الحرّاس على هذه الفكرة، ثم ضحك آخر، وبعده حارس آخر، ثم هذا وذاك؛ وردّدت جدران السجن العالية صدى ضحكات الحرّاس المسلّحين وقهقهاتهم، وانتقلت من جدار إلى آخر. وفي باحة سجن إيفين وعلى مرتفعات شمال طهران، استحالت قهقهات الحرّاس المنتصرين إلى ريحٍ أخرجت ريش الطيور المغرّدة الملطّخ بالدماء والمحلّق في الجوّ من جدران سجن إيفين العالية، فتساقطت ريشةً تلو الأخرى على المنازل والأشخاص الغافلين الذين كانوا مثل كل يوم يذهبون ويأتون من طرف هذه المدينة إلى تلك، ويأتون ويذهبون من طرف تلك المدينة إلى الطرف الآخر في حلقة مفرغة. بعد ساعة، سقطت ريشة ملطّخة بالدماء لأحد طيور السنونو، والتصقت بالزجاج الأمامي لسيارة بويك اسكالايت فضّية، كان سائقها يقودها باكياً ومذعوراً صامتاً تجاه الشمال، أي نحو الغابات؛ إلى المكان الأقل احتمالية لرؤية إنسانٍ آخر، مرة أخرى.‬‬‬

  • بدأ بالتوهّم والخوف والشعور بالاختناق والغثيان واقتراب الموت؛ وسرعان ما نسي أسماء جميع أبطال الروايات السياسية التي كان قد قرأها. رغب في مقارنة نفسه بهم ليهدّئ من روعه؛ لم يتذكّر حتى الموسيقا التي كان يحبها ويعزف أغلبها بالصفير. ومنذ الساعات الأولى، اختلطت عليه ساعات الليل بالنهار؛ وفي اليوم الثالث، لم يستطع تذكّر في أيّ يومٍ هو من شهر بهمن. وفي اليوم السابع لم يستطع تذكّر في أيّ يومٍ من أيّ شهر ومن أي سنة أصلاً. كان يشعر أن الشعيرات الدموية في عينيه قد جفّت من كثرة التحديق بعينين جاحظتين إلى الظلام أمامه، وإلى الفراغ، وإلى عيني الموت. كان حلقه قد جفّ، وهذا ما تسبّب في سعاله بشكل متواصل؛ كان يلمس الحائط متتبّعاً أثر خدوش الأظافر أو شيء حادّ؛ ويحاول تخمين الأحرف المحفورة. وتمكّن ذات مرة من قراءة جملة بأكملها: «العالم الثالث هو المكان الذي نتشارك أنا وأنت فيه الألم ولكنّنا لا نكون معاً». فكّر كثيراً لكن لم يتذكّر لمن تعود هذه الجملة. كان عليه أن يسلّي نفسه وإلا فإنه سيصاب بالجنون، ففكّ حزامه كي يحفر قصيدة على الحائط بإبزيم الحزام، ولكنه سرعان ما نسي ما الذي يريد كتابته. من فرط الجوع وضع عدة قطع من الجص المتساقط في فمه، فشعر بلسانه الجاف يحترق، وراح يسعل أكثر. ومنذ اليوم السابع لم يعد لديه مقدرة على جرّ نفسه إلى الباب ليلصق أذنه عليه ويصغي إلى الأصوات البعيدة التي بدت في هذه الأيام الأخيرة وكأنها زمزمة أشخاص يخطّطون لقتله. كانت الأصوات الغامضة تخبر بعضها بعضاً كيف أنها ستأتي إليه في الظلام وتخنقه

1