* قراءات سابقة للكاتب / المترجم *
- بالنسبة للكاتب لا توجد.
- بالنسبة للمترجم:
العديد من قصص سلسلة ( هيتشكوك يقدم ).
---------------
* نظرة على الغلاف *
الوضع اشبه ببوستر سينمائي اكثر منه غلاف ذو خصوصية فنية. يتصدر المشهد الممثل الاسترالي الغني عن التعريف/ راسيل كرو والذي قام باداء دور البطولة في فيلم مأخوذ عن الرواية يحمل نفس اسمها.
---------------
تقييم جودة الترجمة والتحرير والتنسيق:
⭐⭐⭐⭐⭐
- من ناحية الترجمة للعربية قام المترجم بعمله على اكمل وجه. لا التباسات ، لا سوء فهم. كل شيء على خير ما يرام.
- من ناحية التحرير الادبي أيضاً الرواية خرجت كأفضل ما يكون.
- من ناحية التنسيق والمراجعة لا توجد امور ملفتة للنظر اللهم الا كلمة او اثنتين تحتاجان لضبط املائي.
---------------
* المميزات / نقاط القوة *
- قصة مؤلمة عن مخلفات الحروب اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً.
- الشخصيات نابضة ، مشبعة بالانفعالات والمشاعر المتناقضة.
- السرد يتمتع بمشهدية عالية.
- لغة مشبعة بكثير من الشجن والألم.
----
* الملاحظات *
- النهاية سعيدة بشكل ما لتخفيف وطأة وشدة الحدث.
---------------
* فلسفة الرواية *
في الحروب الجميع خاسر. قد تحقق انتصاراً ميدانياً ما لكن تأكد ان هناك من دفع الثمن غالياً نيابة عن المنتصر حتى لو كان على بعد مئات الأميال من ارض المعركة.
---------------
مراجعة الرواية:
* الفكرة / الحبكة *
الرواية تدور حول المزارع الاسترالي ( جوشوا كونور ) - صاحب موهبة الكشف عن والتنبؤ بأماكن المياه وسط الصحاري القاحلة - الذي رحل ابناؤه الثلاثة للمشاركة في الحرب العالمية الأولى تحت راية الامبراطورية البريطانية قديماً ، وقبع لا أمل في انتظار عودتهم.
يقرر السفر الى الطرف الغربي حيث أتون الحرب ما زال مشتعلاً كي يبحث عن ما تبقى من اشلاء صغاره ويعود بهم الى ارض الوطن كما وعد زوجته التي قررت التخلص من حياتها من فرط يأسها الشديد.
من خلال رحلة طويلة ، مرهقة والأهم مليئة بالقروح والندوب والتشوهات النفسية - تقوده فيها غريزته وموهبته الغير تقليدية - يسعى ( كونور ) للتحالف مع اي طرف يساعده على بلوغ مآربه حتى لو كان العدو الذي تلطخت يداه بدماء ابناؤه ذات يوم.
* السرد / البناء الدرامي *
اخذت الاحداث شكل الصعود الى قمة جبل وصولاً الى قمته الشاهقة بعد عذاب وارهاق شديدين ، نجلس بعدها لنلتقط بعضاً من انفاسنا اللاهثة ونطبب مواجعنا وآلامنا التي لازمتنا خلال رحلتنا مع ( كونور ).
اعتنى عنصر السرد بكافة التفاصيل الواجب توافرها بيئياً ومكانياً حيث الكثير من الوصف الدقيق لطبيعة الجغرافيا شرقاً حيث الصحراء الاسترالية الجافة ثم لاحقاً غرباً حيث الاجواء الاوروبية المعطرة برائحة الدم ابان فترة الحرب. نجد أيضاً انعكاساً زمنياً لتلك الفترة الحافلة من التاريخ من النواحي السياسية والأيديولوچية والصراعات بين العرقيات المختلفة.
المشهدية حاضرة بقوة في الحدث وتكاد تكون صورة بصرية سينمائية مدهشة مصحوبة بعنصر صوتي مجسم حيث الانفجارات المدوية ويتبقى رائحة الدم والبارود والتي يمكن للقارىء ان يستحضرها بداخله بشيء من الخيال.
سرد متكامل وبناء درامي محكم عامر وغني بالتفاصيل.
* الشخصيات *
عنصر نابض بالحياة ، متجسدة امامك على الورق كأنها من لحم ودم تقطر عرقاً وتبكي دموعاً حارقة وينزف قلبها من الألم.
برع الكاتب في صياغة شخصيات الرواية بأكملها وعلى رأسها ( كونور ) بطبيعة الحال. المزارع الجاف ، الصلب وذو البأس يحمل بداخله موهبة متوارثة عن اجداده تتمثل في القدرة على التنبؤ بأماكن المياه في الصحارى والوديان المقفرة. حياته عبارة عن صراع مع الطبيعة لم يألف الصراعات والحروب بين البشر نظراً لموطنه المنعزل كقارة لا جيران لها يطمعون فيها. يجد نفسه فجأة في خضم صىراعات من نوع اخر على الثروات تتساقط فيه الضحايا كأوراق الشجر في فصل الخريف.
تكاد تلامس ما يختلج بداخله من اضطرابات وصراعات هائلة يحرص على ان تبقى تحت سطح شخصيته الصلبة ، التي ما تلبث ان تصيبها تشققات هنا وهناك الى ان يصل الى نقطة الانفجار وعدم القدرة على الصمود والاحتمال اكثر من ذلك ليجد نفسه على قدم المساواة مع من غرقت يداه بدماء ابناؤه. صراع نفسي مؤلم سيعيشه القارىء خلال رحلة البحث المضنية التي بدت في كثير من الأوقات بلا طائل.
نقطة اخرى هامة هي تناقض وتنافر الشخصيات وهو ما اضاف الكثير من المصداقية للنص. ( كونور ) يجد نفسه وسط طبيعة بشرية مختلفة تماماً عن كل ما يألفه. عادات وتقاليد غريبة ، أُناس تغلب عليهم العاطفة بشكل واضح ، يعشقون الحياة رغم ما يدور حولهم من مآسي. يجد نفسه مضطراً للتأقلم والتكيف ولا بأس من الوقوع في الحب مع ( عائشة ) كلمسة رومانسية خففت كثيراً من وطأة وقسوة احداث الرواية بشكل عام.
رواية شخصيات بامتياز.
* اللغة / الحوار *
من البديهي ان يسيطر على لغة الرواية الكثير من الشجن والألم بطبيعة الحال. هي لغة قاسية نوعاً ما وجافة في كثير من الأحيان. نحن نتحدث عن مآسي انسانية وسط اجواء ملبدة بغيوم الحرب.
تجلى هذا بوضوح في طبيعة الحوار الذي عكس بدقة لسان وحال قائله. ( كونور ) ذو سمت صحراوي جاف لا يجيد الاعيب الكلام ويذهب الى هدفه مباشرة. على الجانب الاخر تجد طبيعة مختلفة للاتراك حيث التمهيد واجب وضروري قبل الدخول في التفاصيل. اطراف تختلف عن بعضها البعض ١٨٠ درجة لكن لا بد من الوصول الى موائمات ومنطقة حوارية وسطية يمكن من خلالها مد جسور التعاون الذي لا مفر منه.
* النهاية *
وصلنا لقمة الجبل الأدبي ؟. لنلتقط انفاسنا قليلاً ثم نعاود النزول بنعومة حيث روائح الليمون المنعشة والقهوة التركية - سكر زيادة - من يد ( عائشة ) التي تذوب في فم ( كونور ) كخاتمة رومانسية يطبطب بها الكاتب على ابطاله وعلينا كقراء في نفس الوقت.
---------------
ختام:
الرواية والفيلم المأخوذ عنها على نفس الدرجة من الجودة وهو أمر لا يحدث كثيراً. اغتنم الفرصة واحرص على قراءة الرواية ومشاهدة الفيلم أيضاً.
---------------
* اقتباسات *
❞ لقد كنتِ على حق. ملأت رؤوس أبنائي بكل ذلك الكلام الفارغ عن الشجاعة والبطولة… الله، الملك، والوطن… ❝
❞ الحكومات ستجد دائمًا سببًا للذهاب إلى الحرب. ❝
❞ لقد نسيت أين كان الوطن. كيف يمكن أن ينسى المرء أين كان وطنه؟ ❝
❞ نظرت نحوه، وابتسمت له بخبث.. «كلما زاد السكر، كلما زاد حبها.» ❝

