يبدو كتاب "سيمولاكر" للكاتب عبارة عن تمرين معرفي على رؤية الواقع من خلف الستار، أكثر مما هو محاولة لشرحه أو تأويله. فمنذ صفحاته الأولى، يضع القارئ أمام السؤال المركزي الذي يدور حوله العمل: كيف يمكن للظلّ أن يكون أوضح من الجسد، وللصدى أن يكون أقرب إلى الحقيقة من الصوت نفسه؟ تعامل الكاتب مع مفهوم السيمولاكر بوصفه كيانًا مراوغًا، لا يمكن الإمساك به عبر تعريف تقليدي أو عبر تشبيه مباشر بالمحاكاة أو الوهم أو العوالم الموازية. بل يصرّ الكاتب على أن أي محاولة لتبسيطه تُعدّ خيانة لجوهره... إذا هو ليس مقدّمة فلسفية، بل صدمة معرفية تحاول كسر الاعتياد الذي يجعل الناس يتعاملون مع الزيف وكأنه حقيقة مكتملة....من أبرز ما يميز الكتاب أنه يفتح باب القارئ نحو رؤية خلفية للواقع، حيث تختلط الحقيقة بالتمثيل، وحيث تصبح الصور والمظاهر أكثر قوة من مضامينها ويسعى إلى جعل القارئ يشكّ في كل شيء يراه، ويسأل نفسه:كم من الحقائق التي نعتبرها مستقرة ليست سوى صدى بعيد لشيء آخر؟
تقييمي هو 5/5، أفضل نص فلسفي يمكن قرائته حاليا
