أغداً ألقاك > مراجعات رواية أغداً ألقاك > مراجعة Youmna Mohie El Din

أغداً ألقاك - غادة عثمان
تحميل الكتاب

أغداً ألقاك

تأليف (تأليف) 3.8
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

مراجعة رواية أغدًا ألقاك للكاتبة غادة عثمان

رواية أغدًا ألقاك عملٌ اجتماعيٌّ نفسيٌّ شديد الحساسية، يقترب من النفس البشرية بعمق ويجيد الغوص في مناطق الألم والحرمان والعاطفة المكسورة. كانت هذه تجربتي الأولى في قراءة أعمال الكاتبة غادة عثمان، وقد جاءت تجربة مختلفة ومؤثرة، تُشبه اكتشاف صوتٍ أدبيّ ناضج لم يسبق لي أن التقيت به من قبل. ورغم سماعي الكثير من الآراء حولها في مجموعات القراءة، لم تسنح لي فرصة القراءة إلا بعد إعلان مسابقة “أبجد” الرومانسية بمناسبة عيد الحب.

الشخصيات: ألمٌ متجذّر وبحثٌ عن النجاة

إبراهيم هو الشخصية الأكثر تأثيرًا في أحداث الرواية؛ شاب يحمل جروحًا قديمة، يبحث عن حنان أم غابت عنه منذ ولادته، وعن حبّ لم يعرفه يومًا. يعيش في لندن محاولًا الهرب من قسوة الأب الذي انشغل بزواجٍ ثانٍ وإنجاب فتيات دون أن يمنحه التفاتة حانية أو لحظة احتواء. عانى إبراهيم اغترابًا نفسيًا ومكانيًا، جعل القارئ يشعر باختناقه في كل مشهد.

أما فاطمة، ابنة الشيخ صالح، فحياتها كانت سجنًا مغلقًا بكل معنى الكلمة. لم يُسمح لها بالخروج حتى بعد وفاة والدتها، وازداد نفورها من والدها كلما تذكّرت رحيل أمها. لم تعرف العالم خارج جدران منزلها: لا أفلام، ولا رحلات، ولا مغامرات؛ فقط خوف دائم من بطش الأب. عاشت كما لو كانت في زنزانة تضيق مع كل يوم، تتنفس بصعوبة داخل عالم لا يشبه روحها.

أسلوب الكتابة: فصاحة ناضجة وواقعية صادقة

كتبت غادة عثمان الرواية بلغة فصيحة رشيقة وذكية، بعيدة كل البعد عن الحشو أو الإطالة. جاءت الأحداث بواقعية اجتماعية لا تحتاج إلى مبالغة كي تُقنع؛ وكأن الكاتبة تكشف جزءًا من حياة حقيقية رغم أن كل الشخصيات تخييلية. الحوار الفصيح، الخالي تمامًا من العامية، منح الرواية بصمة خاصة، وأبرز موهبة لغوية نادرة تستحق الاحتفاء.

تأثير الرواية: ألم يمسّ القلب حتى الصفحة الأخيرة

بكيتُ في مشاهد عديدة، خصوصًا تلك المتعلقة بألم إبراهيم وجفوة والده. وحين عاد إلى الوطن — مصر أم الدنيا — شعرت بأن حزنه يعود معه ويتضاعف. نجاح الكاتبة في رسم التفاصيل جعل المشاعر أكثر واقعية: الألم، الفقد، الضياع، والأحلام المُجهضة.

ومن أكثر الخطوط المؤثرة قصة ليلى/ليليان؛ تلك الأم التي حُرمت من طفلها طيلة حياتها. أظهرت الرواية من خلالها معنى التسامح في بعض الديانات السماوية، وقد بدت قصتها واقعية لدرجة أنني شعرت بأنها مستوحاة من حادثة حقيقية.

النهاية: وجعٌ لا يُنسى

النهاية جاءت مؤلمة، موجعة حدّ الصدمة، وأثّرت فيّ بصورة عميقة. ومع مشهد اجتماع الروح بالأم — دون كشف التفاصيل — اختتمت الرواية رحلتها بأعلى درجات الشجن والإنسانية. شعرت بالندم لأنني لم أقرأ للكاتبة من قبل، وبالامتنان لأنني فعلت أخيرًا.

خلاصة المراجعة

أغدًا ألقاك رواية اجتماعية نفسية مؤثرة، تجمع بين اللغة الرصينة، والطرح الهادئ، والمشاعر المتفجّرة تحت السطور. قرأتها في جلسات متواصلة حتى انتهت في ساعات قليلة، لتحتل مكانًا فوريًا في قائمتي المفضّلة.

وآمل أن نرى قريبًا إصدارًا جديدًا للكاتبة غادة عثمان، التي استطاعت أن تكتب عملاً يلامس الأعماق دون مبالغة أو افتعال.

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق