1️⃣ الموضوع : قراءة نقدية
2️⃣ العمل : " لوغاريتمات الشهرة"
3️⃣ التصنيف : تحليلي نفسي
4️⃣ الكاتب : عمرو منير دهب
5️⃣ الصفحات : 175 أبجد
6️⃣ سنة النشر : 2025 م
7️⃣ الناشر : منشورات ضفاف
8️⃣ التقييم : ⭐⭐ ⭐ ⭐
ـ ليس من اليسير ، في زمنٍ انقلبت فيه المقاييس ، وتحوّلت فيه الأضواء إلى سلطةٍ تُعادل سلطان المال والجاه ، أن يتقدّم كاتب ليُمسك بخيوط «الشهرة» كما لو كانت معادلةً رياضية لها قانون ثابت .. فالشهرة اليوم ليست ظاهرة اجتماعية فحسب، بل أصبحت حالة نفسية، ومنهج تفكير، ومطمعًا قد يستهلك الإنسان أكثر مما يُحقّقه.
ـ هنا، في هذا الفراغ المتوتّر بين الحاجة والوهْم ، يأتي كتاب «لوغاريتمات الشهرة» للكاتب الدكتور/ عمرو منير دهب ؛ ليحاول أن يفكّك هذه الظاهرة بمنطق العالم ، وحِسّ الفيلسوف ، وحذر الأديب ، ومنطق اللبيب الذي يعرف أنّ كل ضوءٍ يُلقي بظلّ أثقل منه.
ـ يعالج الكاتب الشهرة كظاهرة تلبس آلاف الأثواب ؛ فمن الناس من يرتدي لها ثوب المجد، ومنهم من يتدثر بثوب العلم، ومنهم من يزخرف نفسه بثوب النفاق ، ومنهم وهو الأخطر ، من يخلع كل الأثواب إلا ثوبًا واحدًا: ثوب الظهور، ولو كان ثوبًا شفافًا لا يستر حياءً ولا يُقيم مبدأ.
ـ في هذا الكتاب، الذي يتكلّم بلغة المنطق وقواعد العقل ، وفلسفة الحوار، يتساءل: لِمَ الشُّهرة؟ ولماذا؟ وكيف يَفْضُلُ الإنسانُ إليها؟
وفي نحو ثلاثين عنوانًا، تناول فيها كيف أنّ الشهرة تُؤدِّي بطالبها — في كثيرٍ من الأحيان — إلى تَسوُّلها؛ وهذا ما شهدناه مرارًا وتكرارًا .. لكنه في الوقت ذاته ينفي فكرة كون الشهرة "خَلْطةً سرية"، بقدر ما هي تحتاج إلى عوامل أخرى — كمثال "كنتاكي" — مفرِّقًا بين النجاح والشهرة، ومؤكِّدًا أن: ليس كل ناجحٍ مشهورًا، والعكس.
ـ ورغم امتلاء كتب تنمية الذات بالحث على النجاح، فإنها لا تغوص في المعاني العميقة للبشر الذين لا يريدون النجاح أصلًا. ويستدلّ الكاتب بقول بيل غيتس — حين سُئِل: ماذا لو لم تكن مبرمجًا؟ فقال: «لا أدري، ولكنني كنت سأكون ثريًّا بطريقةٍ أو بأخرى» — ليؤكِّد أن الهدف الأسمى من الشهرة هو الثراء لدى فئةٍ كبيرة من الناس.
ـ ثم يوازن بين كون الشهرة هدفًا يحتاج إلى عملٍ وتخطيطٍ وتنظيم، وبين أن للصدفة دورًا كبيرًا في هذا الشأن .. مؤكداً أن الشهرة بعد الصدفة ربما تكون كذلك نتاج المخالَفة؛ فسقراط لم يُؤثَر عنه أنه كتب شيئًا في الفلسفة، لكنه خالف في زمانه فاتفقت عليه عيون عصره، ثم وجد من يرعى — بعد موته — هذا الخلاف وينقله إلى من بعده، وهم تلامذته وعلى رأسهم أفلاطون.
ـ ويشير الكاتب إلى الدور البارز والهام الذي تقوم به وسائل التواصل الاجتماعي في هذا الزمان في فهم "معادلة الشهرة"، والتي تتخذ من هذه الوسائل عَضُدًا أساسيًا تقوم عليه وتتغذّى منه.
ـ ويؤكِّد أن الموضة تصنع الشهرة، وأن المواكبة للتطوّر، والمخالفة للتوقعات، واستشعار نبض الجماهير — كلّ ذلك يصنع الشهرة .. بل ويشير إلى أن الموضة تدور في حلقة شبه دائريّة؛ فهي — بجانب صناعتها لمشاهير زمنها — قد تعيد ذكرى مشاهير أزمنة أخرى.
ـ وفي حين لا يخفى على أحد دور الإعلام في كونه السلطة التي تَحمل مفاتيح الشهرة، يؤكد الكاتب أن الإعلام يقف على حافتين:
الأولى: أنه مصدرٌ للشهرة قديمًا وحديثًا،
والثانية: أنه — في الوقت ذاته — قد يكون أسيرًا لمن قام بالترويج له دون أن يدري.
ـ ثم يجيب على سؤالٍ غريب: هل يطمح الجاسوس إلى الشهرة؟
والجواب بالطبع: لا!
لكن «كرامبتون» — ضابط المخابرات الأمريكية — كان له رأي آخر؛ فبعد التقاعد لجأ إلى العمل الدبلوماسي الذي سُلّطت عليه الأضواء من كل اتجاه، ولم يكتفِ بذلك، بل اتَّجه إلى الكتابة، ونجح فيها واشتهر.
ـ ويتساءل الكاتب: هل الشهرة حكرٌ على البشر، أم أن للكائنات الأخرى نصيبًا منها؟
والحق أن الإنسان هو الذي يمنح الشهرة للكائنات في حال انتفاعه بها أو ارتباطه معها؛ ومن ذلك مثلًا: الديناصور، وكلب أهل الكهف، وغيرهما.
ـ ثم يأخذنا إلى سؤالٍ آخر:
هل يمكن للزاهد الباحث عن الهدوء والطمأنينة أن يشتهر؟ وكيف؟
ويجيب بأن التاريخ يعجّ بالزاهدين من كل عِرقٍ ودين، ممن اكتسبوا شهرة عظيمة .. بعضهم لم يَعْمِد إليها، ولكنها ساقتْها إليه جحافلُ مُريديه، وبعضهم سعى إليها بدرجةٍ أو بأخرى .. وإذا أمكن وصف الصنف الثاني بأنه لا يستحق لقب "زاهد" تمامًا، فإن الشهرة — مع ذلك — قد تُدركه.
ـ وفي مقال «المؤسسات والشهرة»، يؤكد أن شهرة المؤسسة — وإن كانت تقوم على طبيعة عملها ومقومات نجاحها الست — إلا أنه لو لم يسعَ المالك أو المدير إلى الشهرة لما اشتهرت.
ـ كما يشير إلى أن الجمع بين مجالين سببٌ قويٌّ لشهرة صاحبهما؛ ضاربًا المثل بـ نعوم تشومسكي، ونافِيًا — من جهة أخرى — ذلك عن العقّاد؛ إذ إن أسرار الشهرة — في نظره — تتجاوز مجالات الإبداع ذاتها، لتستقر في أسلوب تناول المبدع إبداعه وطريقته في مواجهة جماهيره.
ـ ويختم الكاتب بأن الشهرة أصبحت هدفًا سهلًا للجميع، لتعدّد وسائل الشهرة من ناحية، ومن ناحية أخرى لانفتاح دائرة السلوك اللازم لتحقيقها .. فقط على مَن يريد الشهرة أن يجعلها هدفًا ويُكرِّس لها حياته؛ وإن لم يفعل، فلربما تأتيه الشهرة بعد موته.
ألا يحبّ الإنسان تخليد ذكراه؟
وهكذا يحتال الكاتب على فكّ رمزية الشهرة بعد الموت، ليتركنا مع سؤال بديع:
هل الأشهَرُ هو الأجدر؟
بالطبع لا…
لكن الأشهر هو الأكثرُ تسويقًا لذاته.
ولذا يقرر استفهاميًا:
هل الأجدرُ بالشهرة هو من حققها فعلًا، حتى لو لم يكن الأعمقَ موهبةً، أو الأعظمَ مجهودًا، أو الأضخمَ إنجازًا؟
بعض الملاحظات:
1. اللغة شديدة الفلسفة، عميقة المعنى، تحليلية الطرح، عصيّة على الفهم السريع؛ كأنما حاول الكاتب فكَّ شيفرة الشهرة بلغةٍ مشفّرة تحتاج إلى تحليل وتبسيط.
2. قلة المثال العربي في التحليل والدلالة على فكرة الشهرة، مكتفيًا بالمثال الأجنبي — إلا نادرًا — وحين فعل ذلك في «رجال الدين والشهرة» أورده على سبيل التهكم في سؤاله لبعض دعاة الخليج المشهورين:
ألا يتناقض حب الظهور والشهرة مع ما تدعون إليه من سموٍّ روحي ونفسي؟
3. عند النقل من أحد الكتب، كان يأتي ببيانات الكتاب كاملة في قلب السرد، مما يُربك القارئ .. والأولى النقل المجرّد ثم الإحالة إلى الهامش.
4. الكتاب يفتقد الترتيب الذكي؛ لا أكاديميًّا ولا موضوعيًا ولا تاريخيًا، فقد جاء عشوائيَّ البناء لا ترتبط مقالاته بعنوانٍ جامعٍ ينسِّقها ويجمعها.
#أبجد
#عمرو_منير_دهب
#لوغاريتمات_الشهرة
#مسابقات_مكتبة_وهبان
#مراجعـات_محمـود_توغـان
#مسابقة_ريفيوهات_لوغاريتمات_الشهرة

