المستحيل > مراجعات رواية المستحيل > مراجعة عمرو عادل

المستحيل - د. مصطفى محمود, عمر قنديل
تحميل الكتاب

المستحيل

تأليف (تأليف) (الراوي) 3.4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

في رواية «المستحيل» يفتح لنا دكتور مصطفى محمود بابًا إلى عالمه الأول، ذلك العالَم الذي كان يتلمّس فيه طريقه بين العقل والهوى، بين البحث والضياع، بين الحيرة والإيمان الغائب.

لم يكن بعدُ الرجل الذي عرفناه في سنوات النضج، الفيلسوف الذي أضاء القلوب باليقين، بل كان إنسانًا عاريًا أمام أسئلته، تائهًا في زحمة الرغبات والأسئلة التي لا يملك لها جوابًا.

بطل الرواية حلمي ليس مجرد مهندس يعيش صراعًا نفسيًا، بل هو صورة الكاتب نفسه وهو يتخبط بين شهوةٍ يريدها ومعنىً يبحث عنه، حتى صورة الأب المسيطر الذى يتحكم فى المصائر ويفرض ارادته على ماضي وحاضر ومستقبل ابنه ثم سخط الولد على والده ورغبته الجامحة في الانفكاك من قبضته المسيطرة، كل هذا فيما أعتقد أنه يلقي بظلاله على علاقة الإله والمخلوق وما يتخللها من شد وجذب، رغبة ورهبة، يقين وشك، هذا هو الدرب الذى كان يسلكه الدكتور مصطفى محمود فى رحلته بين الشك والإيمان.

كان بطل الرواية المهندس حلمي ينساق خلف نزواته فيخون ويُخَان، ويتنقل بين ثلاث نساء كمن يحاول أن يلمس الحقيقة في وجوهٍ بشرية لا تعرف الطهر الكامل ولا الشر الخالص.

فاطمة، المحامية المثقفة، تجسد الوعي الملوث بالشهوة،

وناني، الجارة الجميلة، هي الفتنة التي تُغريه وتُسقط عنه ما تبقى من قناعٍ زائف،

أما زوجته الطيبة فتمثل البراءة العاجزة، الطهر الذي لا يملك سلاحًا أمام تيار العالم.

في هذا المناخ الموبوء بالضياع، لا يظهر الله في حياة الشخصيات، لا كقيمةٍ ولا كضمير، وكأن الكاتب — في تلك المرحلة — كان يكتب عن الإنسان حين يفقد السماء ويغرق في طين الأرض.

لذلك يبدو العالم في «المستحيل» عالمًا باردًا، بلا معنى، بلا عدالة، تحركه الغرائز وتخنقه الوحدة.

لكن أهمية الرواية لا تكمن في جمالها الفني فقط، بل في صدقها التاريخي؛ فهي وثيقة من زمن مصطفى محمود المظلم، قبل أن يعبر إلى النور.

تقرأها فتشعر أنك أمام روحٍ تمزقت بين الشك والإيمان، تبحث عن الله في وجه امرأة، وعن الخلاص في جريمة حب.

هي رواية لا تُطمئن، لكنها تُنبّه.

لا تمنحك يقينًا، لكنها تضع يدك على الجرح الأول الذي خرج منه مصطفى محمود إلى رحلته الطويلة نحو الله.

وهي بهذا المعنى ليست “رواية خيانة”، بل “رواية بحث”… عن معنى الحياة في زمن ضاع فيه المعنى.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق