أنهيت الكتاب ودموعي تنهمر بصمت، كأن شيئًا في داخلي انكسر معه.
هذه ليست رواية عن الحرب فقط، بل عن الإنسان حين يهرب من وطنه، من نفسه، من ذاكرته التي لم تعد تحتمل أن تُحمل أكثر.
ريمـارك يصوّر الحرب لا كرصاص ومعارك، بل كشيء يلتهم الروح ببطء.
شفارتز، بعد تسع سنوات من الهروب، لم يكن يبحث عن ملجأ، بل عن من يحمل ذاكرته قبل أن تتشوّه. لذلك حكى قصته لرجل غريب في ليلة واحدة، كأنه يسلم ذاكرته الأخيرة قبل أن تذوب.
هيلين كانت نجاته الوحيدة، لكنها أيضًا مرآته التي عكست له حجم الألم.
حين انكسرت، لم تعد ترى في العالم سوى نهايتها. وموتهـا لم يكن ضعفًا، بل رفضًا لحياة لم يبقَ فيها شيء يستحق البقاء.
وعودته لألمانيا لم تكن بحثًا عن وطن، بل مواجهة للجرح الذي لم يندمل.
كأن ريمـارك يقول لنا: بعض الناجين يعودون إلى أماكنهم الأولى لا ليبدؤوا من جديد، بل لأنهم لم يعودوا يعرفون أين ينتهون.
رواية ثقيلة على القلب، تمزج الحنين بالخذلان، والذاكرة بالألم.
بعدها، لن تنظر للمنفى ولا للنجاة بالطريقة نفسها مرة أخرى وبعد أن أغلقت آخر صفحة، بقيت فترة طويلة عاجزة عن فتح كتاب آخر. ثقله وحزنه ظلّا معي، كما لو أن قلب آخر صفحة لم يتركه يرحل، وكأنني أعيش معه كل لحظة من صمت الألم الذي خلفه هذا العمل العظيم.

