1️⃣ الموضوع : قراءة نقدية
2️⃣ العمل : رواية " غير مرئية "
3️⃣ التصنيف : فلسفة ـ نفسي
4️⃣ الكاتبة : Sheren Fathy
5️⃣ الصفحات : 100 Abjjad | أبجد
6️⃣ سنة النشر : 2025 م
7️⃣ الناشر : كتوبيا للنشر والتوزيع
8️⃣ التقييم : ⭐⭐⭐⭐⭐
ـ أيمكن أن تتداخلُ أصواتُ الوجودِ معَ صدى الخيال؟
أيمكنُ أن يَنبِضَ قلب الحقيقةِ من وهْمٍ، فتَصْدَحُ الآهاتُ من جوفِ الصمتِ؟
نعم .. هذا وأكثرُ — في نوڤيلا تتقلّصُ الورقات فيها لتتَّسعَ للعالمِ ، وتَبقى الصفحةُ لتَضمَّ عوالمَ.
ـ لا تسألْ من يتكلّمْ أولاً ، بل اِصغِ إلى التكتّمِ:
الأصواتُ هنا لا تأتي مُعلَنةً بأسماءٍ ثابتةٍ ، بل بألوانِ نفسٍ، وبنبراتِ جرحٍ ، وبأسماءٍ تُمحى لتُعيدَ اكتشافَ ذاتها كلّ سطرٍ مع سطرٍ .. تداخلت فيها الأصوات السردية حتى لا تعرف من يتكلّم ، ومن يتألّم ، ومن الحقيقة ومن السراب ، أين الخطأ وأين الصواب ، ومن الكاتب ومن القارئ...وتظل تسأل ... بغير جواب !
ـ نحن أمام مؤلِّف تتوارد الأفكار في رأسه ، فيكتب قصصًا كثيرة ، لكنها تختفي ولا تبقى .. يتألّم من ذلك ويجاهد في سبيل حلّ معضلة، ويخرج من متاهة إلى متاهات .. تتداخلُ الروايةُ كما تتداخلُ الذكرياتُ، فتَخنقُكَ الدهشةُ ، وتدهشك الوحشة ، وتوحشك الحكاية يبعثها الرميم .. فتُعيدُك إلى السؤالِ الصعب القديمِ: أينَ الحقيقةُ؟ وأينَ الخيالُ؟ وأيُّ منِّا يخطئُ في التمييزِ، الكاتبُ أم القارئُ؟
ـ في «غير مرئية» تبدو شيرينُ فتحي كساخرةٍ من يقينِ القارئِ؛ لا تمنحهُ ثوابتٍ، بل تمنحُه متاهاتٍ مُنقوشةً على جدرانِ اللغةِ — لغَةٌ تَثبُتُ وتَتلوَّنُ ، مرنة جامدة ، سهلة معاندة ، تنثر درراً ، تُمطرُ صورًا ، وتبقي أثراً ، سؤالًا على كلِّ هامشٍ .. الأسلوبُ يباغتُكَ حيناً ، ويرافقُكَ حنيناً ، كصديقٍ غاضب ، كوالد غائب ، كأخ ناقم ، كأُمٍ تُعلّمُ طفلاً الكتابةَ بدلَ النطقِ، ثمَّ كراوٍ يسحبك إلى زنزانةِ الذاكرةِ حيثُ الأصواتُ تتلوى وتتماهي في غياهب الوعي واللاوعي .
ـ النصُّ هنا يتجلى كتجربةُ كتابةٍ عن الكتابةِ — خبزٌ داخليٌّ يؤكلُ من صلبِ النفسِ، وكتابةٌ تُستبدَلُ بالكلامِ ؛ حتى يصبحَ السُكوتُ لغةً تجهر ، والألم خمر يسكر ، التكرارُ ليس تَكرارًا بل طقْسٌ يزلزل ، والتداخلُ ليس تشويشًا بل مرآةٌ تُشكِّل ، مَرةً بعدَ مرةٍ باختلافِ الزوايا .. الأسئلةُ تصيرُ شخصياتٍ، والذكرياتُ تتحولُ إلى حبالٍ تُجرُّ أبطالها من متاهةٍ إلى متاهةٍ، فمن هوَ هذا الذي يكتبُ؟ هل هو ابنٌ أم أب أم أخ؟ وهلّ هي الحبيبة أم أمّهم هل هي حاضرةٌ كلّها أم متخيَّلةً؟
#أبجد
#غير_مرئية
#شيرين_فتحي
#مراجعات_محمود_توغان

