على مائدة العشاء فقط استطاعت الكاتبة أن تكثف موضوعات متعددة نعاني منها أشد المعاناة وتشعل نصاً مرهفاً وعميق. نعم إن هذا الكتاب لا يمكن إدراجه تحت مسمى الرواية الأدبية فهي قصة طويلة أو نوفيلا، لكن تلك القصة استطاعت أن تؤثر في القارئ بحد كبير بسبب وجود الرمزية المتقنة واللغة المتماسكة كلغة بثينة المعتادة، لغة بعيدة عن التكلف لكنها تحمل كثافة تخترق القلب مباشر. قصة أثارت تساؤلات لطالما ترددت في ذهني، هل المرأة يجب أن تفقد نفسها بعد عقد الزواج للمرة الأولى ثم تفقده مرة أخرى بعد أول طفل تلده؟ هل أحلام المرأة ومشاعرها تعتبر تهمة أبدية ومن تسابق أحلامها تعتبر أنانية؟ ماذا يريد الأولاد من آبائهم؟ ولكن هل تحقيق أحلام الوالدين يعتبر حق لهم بشكل مطلق أم يأخذهم دون وعي منهم ناحية الأنانية؟ في شخصية خولة رأيت المتناقضين، رأيت فيها الضحية والجلاد، ورأيت في ناصر المظلوم والعاق، أما يوسف فكان الشخصية الأوضح، وحمد كان شعلة النص كله. استمتعت غاية الاستمتاع بهذا النص وبأقلامنا العربية الناضجة.