ميثاق النساء
للكاتبة اللبنانية حنين الصايغ
رواية نسوية، اجتماعية، فلسفية
وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر).
تروي لنا قصة "أمل"، فتاة تنتمي للطائفة الدرزية، تعيش بين الجبال اللبنانية في قرية متحفظة مُنساقة خلف قوانين دينية صارمة. تحلم "أمل" بإتمام دراستها؛ فيتحتّم عليها الموافقة على الزواج في سن السادسة عشر. ثم بعد ذلك تجولُ بنا في طرقات وعرة مع ذاتها، وزوجها، وابنتها، وعائلتها.
رواية عن الحرية، والحب، والأمومة، والدين، والمرأة.
لغة الكتابة شاعرية مُثقلة بالغموض الذي يحفُّ شخصية بطلة الراوية، على أنها تبحث طوال الوقت عن ذاتها وتحاول فهمها.
إلا أن اللغة المكتوبة على لسان الشخصيات كانت غامضة هي الأخرى، لم تصف الشخصيات من منظور بطلة القصة كما سبقت ووصفتهم لنا، وهو ما منع الانغماس الوجداني مع الشخصيات، ورؤيتهم جميعًا سواء.
الحبكة وطريقة السرد لم يكونا مملين، راقني غرس المعلومات وسط الحوارات أو في المونولوجات، لم يكن الأمر كأنني أقرأ كتابًا يحكي عن الدروز، رغم ذلك وجدت فيه معلومات وفلسفات درزية، وخبايا عقل الدروز، ما كنت لأجدها على الإنترنت. سردت البطلة المشاعر والأفكار في شكلٍ جماليّ فيه كثير من الصور، في رأيي كان ذلك نقطة قوة في الرواية، حتى أنني بكيتُ معها مرّات عدة.
أما في الجزء الأخير من الرواية إن جئنا لآخر خمسين صفحة، أجد انفلات وتنازع غير منطقي في القصة، كأن الكاتبة قررت فجأة أن تُبعد شخصيات وتُدخل أخرى، فتحوّلت القصة لخيال قد يعجب المراهقين.
ما دون ذلك فكان جيد، رغم اختلافي مع عدة قرارات وفلسفات تبنّتها البطلة، وقياسها للأمور وإدراكها لمفهوم الحرية. قالت إنها كانت أنانية حينما صبّت جُل تركيزها على ألمها، إلا أنني لم أرَها كذلك، ووجدت لها المبررات، أما فيما بعد عندما قررت أنها في أفضل نسخة منها، وقتها أصبحت في غاية الأنانية، لا وجود لفعلٍ ماضٍ هنا. إلا أنه ليس من الضروري أن يتفق القارئ مع كل ما تفكر فيه البطلة، خصوصًا في جوٍّ سردي من منظور شخصيةٍ راوية.
في كل الأحوال، خرجت من الرواية بعدة اقتباسات، ووجهات نظر جديدة، ورؤى مختلفة للحياة ومعانيها، وإدراك لمعاناةٍ نسائية أخرى في مجتمعٍ لم أعرف عنه شيئًا.
الرواية تستحق القراءة، للرجال والنساء على حدّ سواء، فالكاتبة لم تعبأ كثيرًا بإظهار ظلم بعض الرجال في حياتها ووضعهم في إطار بشع، بل إنها أشفقت عليهم وأوجَدت لهم المبررات، وذهبتْ بمحاذاتهم لتسليط الضوء على معاناة وأفكار ومشكلات المرأة الدرزية.

