من الصعب أن تمر على تجربة قراءة لأحمد الملواني دون أن تخرج منها بارتجافة ما ارتجافة خوف أو فضول أو حتى تأمل في الجانب المظلم من النفس البشرية
في الروحاني وحكايات أخرى، يقدم الملواني سبع قصص قصيرة تجمع بين الرعب والرعب النفسي والخيال العلمي والسحر والأساطير الريفية في مزيج نادر ومتقن يجعل المجموعة تبدو كأنها رحلة في دهاليز الخوف الإنساني المتعدد الأوجه
كل قصة في المجموعة تفتح بابًا جديدًا نحو المجهول، لكنها جميعًا تتشارك في سؤال واحد: إلى أي مدى يمكن للإنسان أن يواجه الماورائيات دون أن يفقد نفسه؟
الكاتب ينجح في جعل الرعب أداة تأمل لا غاية في حد ذاته
فالخوف هنا ليس مجرد كائن يطاردك بل انعكاس لما نخفيه نحن في الداخل من الذنب والفضول والرغبة في تجاوز حدودنا البشرية
صفية – العهد
حكاية من ريف مصر حيث الأرواح واللعنات والعقود القديمة صفية ليست مجرد أسطورة بل مرآة لذنب جماعي يحمله أهل قرية كاملة أجواء القصة تعيدنا إلى حكايات الجدات لكنها مكتوبة بواقعية تجعل الأسطورة قابلة للتصديق تمامًا
رسائل
قصة نفسية مشوقة عن صور من الماضي تطارد الحاضر كوابيس ونسب مشكوك فيه واحدة من أكثر القصص إنسانية رغم غلافها الغامض لأنها تطرح فكرة أن الماضي لا يموت أبدًا بل ينتظر اللحظة المناسبة ليعود في شكل رسالة
يوجينيا
هنا يدخل الملواني عالم الخيال العلمي والفلسفة البيولوجية. الفكرة تدور حول تحسين النسل ومنح “الأصلح” فرصة التكاثر على حساب البقية قصة تسبق زمنها بسنوات وتطرح سؤالًا أخلاقيًا ثقيلًا: هل يمكن للعلم أن يقرر من يستحق الحياة؟
الشقة
من يدخلها لا يخرج منها أبدًا حكاية عن الفضول البشري في أن يعرف أكثر مما ينبغي الشقة هنا ليست مكانًا فقط بل كيانًا ينتقم من من يحاول كشف أسراره واحدة من القصص التي تذكرنا بروح إدغار آلان بو مع نكهة مصرية صريحة
جنون مؤقت
عدوى شيطانية تنتقل عبر الحدود والمحيطات. قصة تتناول “السحر النكرومانسي” أو طقوس سرقة معرفة الموتى مزج قوي بين الرعب النفسي والفانتازيا السوداء وفيها لمسة من الرعب الكوني على طريقة لافكرافت
ألبوم صور
من أجمل قصص المجموعة وأكثرها تأثيرًا صديقان يحصلان على ألبوم قديم يحقق الأمنيات بطريقة مرعبة كل صورة تُلتقط تُغير المستقبل ولكن بثمن
قصة رمزية جدًا عن الجشع والرغبة في التحكم بالمصير، والنتائج المروعة لذلك
الروحاني
القصة الأطول والأكثر استحقاقًا لأن تحمل اسم المجموعة
عن وسيط روحاني قادر على التواصل مع الأرواح وتحديد أماكن الأشباح الأسانسير الذي يتحرك وحده بعد منتصف الليل بخمس دقائق وحوادث الانتحار الغامضة في البناية كل التفاصيل تُبنى ببطء حتى نصل إلى ذروة صادمة
الرعب هنا ليس في الأسانسير بل في الذنب الإنساني الذي يستدعي الأرواح ولا يعرف كيف يطرده
اللغة جاءت فصحى سهلة تتخللها لمسات عامية في الحوارات، مما منح النص طابعًا واقعيًا قريبًا من القارئ المصري
الأسلوب سلس ومباشر، لكنه يحتفظ بجماليات السرد الأدبي
الكاتب يمتلك قدرة مميزة على خلق الجو العام فكل قصة لها نكهتها الخاصة الريف المصري في صفية أجواء المدن الحديثة في يوجينيا الغموض الحضري في الروحاني
الروحاني وحكايات أخرى ليست مجرد مجموعة قصص رعب بل رحلة داخل النفس البشرية المظلمة
أحمد الملواني ينجح في أن يجعل الرعب أداة للفهم، لا للهروب وأن يزرع داخل كل حكاية فكرة إنسانية تجعلنا نكمل القراءة بدافع أكثر من الفضول بدافع البحث عن أنفسنا وسط كل هذا الظلام
عمل يُرشّح بشدة لمحبي الرعب النفسي والقصص التي تمزج بين الغموض والفلسفة وتثبت أن الرعب الجيد لا يحتاج إلى وحوش يكفي أن ينظر الإنسان إلى مرآته
#أبجد
#الروحاني_وحكايات أخرى
#أحمد_الملواني

