الوحوش > مراجعات رواية الوحوش > مراجعة Rudina K Yasin

الوحوش - أيمن العتوم
تحميل الكتاب

الوحوش

تأليف (تأليف) 4.5
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

الكتاب رقم، خمس واربعون من العام 2025

الوحوش- حرب البوسنة والهرسك

أيمن العتوم

تطبيق ابجد

لا كفن هناك بل رقما وشهادة كما أخبرنا حارث الطفل

البوسني الذي روى كل شيء

""إنّ هذه الحرب لم تكنِ اختيارَنا ولا خَيارَنا، إنّها حربُ

اضْطِرار. أتعرفونَ لماذا؟ لمنع انتشار الإسلام في أوروبّا. إنّ السّبب ليسَ غنى بلادكم بالثّروات، فهي بلادُنا وتلكَ الّتي شرقيّ النّهر بلادُنا، وهي أكثر خصوبةً وأشدّ غِنًى، إنّ هذه الحرب قد شَبَّ أُوارُها من أجل منعكم أيّها البوشناق من إقامة دولةٍ إسلاميّة في بلادنا.""

""يحرقون جزءًا مني". ‏‏كان في المكتبة تسعةٌ وسبعون

مصحفًا شريفًا يعودُ بعضُها إلى عام 1368م لخطّاطين مجهولين، فيها مصحف نَسَخه الخطّاط (غفّار بن محمّد) من غرب البوسنة. وكان هناك مئتان وستٌّ وخمسون مخطوطةً في علوم القراءات والتّفسير تعودُ إلى القرن الثّاني عشر يندرُ وجودُها في أي مكانٍ في العالَم، وأقدمُ مخطوطةٍ في مجموعة المصاحف تلك الّتي قامتْ سيّدة بِنسخها، هي ابنة (موفق أبو نعيمة أحمد) في عام 1175م""

العنوان – الوحوش سؤال وجودي؟

منذ العنوان، يُلقي أيمن العتوم قارئه في مواجهة سؤالٍ وجودي: من الوحش حقًا؟ هل هو القاتل الذي يضغط الزناد، أم العالم الذي صمت؟ عنوان الرواية ليس إشارة إلى الغزاة وحدهم، بل إلى الكائن الكامن فينا حين يفقد الإنسان وجهه وهدفه فيرى الموت ويصمت ، ويأتي الإهداء امتدادًا للعنوان، «إلى شهداء البوسنة المعروفين والمجهولين، وإلى شهداء مذبحة سربرنيتسا

(لا كفن هناك بل رقما وشهادة )

تتحدّث رواية (الوحوش) عن الحرب الّتي دارت في البوسنة والهرسك بين عامَي (1992-1995م)، أبطالُها عاديّون لكنّهم حقيقيّون، وكلّ واحدٍ يروي قِصّته، كلّ واحد يكشفُ عن آلامه الكبيرة، عن آماله الصغيرة، عن ذاته المسحوقة، عن ذكريات البيت والأهل والمدرسة والحيّ والوطن، عن أحزانه السّوداء، عنه في تفاصيل لا يلتفتُ إليها إلاّ مَنْ عانى من وحشيّة الإنسان ضِدّ أخيه الإنسان، الضّحايا في هذه الرّواية قاموا من قبورهم المجهولة ووقفوا على أقدامهم، وأشاروا إلى الجَلاّدين، لكنّ أحدًا لم يكنْ يراهم. كانوا يتكلّمون بلغةٍ واضحة، ولكنّ أحدًا لم يسمعهم. هذه الرّواية صرخةٌ في وجه الظُّلم الّذي لا يتوقّف، ونِداءٌ من أجل أنْ تحلّ الإنسانيّة مكانَ الوحشيّة، ومحاولةٌ في أنْ تُزيل عن اللّوحة الّتي نُسِيَتْ أو كادتْ غِطاءَها الأسود.

حرب البوسنة : هي عملية نزاع دولي مسلح حدثت في البوسنة والهرسك من مارس 1992 حتى نوفمبر 1995. وكان هناك دول كثيرة دخلت كأطراف في هذه الحرب. وحسب قول محكمة الجزاء الدولية في يوغسلافيا فأطراف الصراع هي البوسنة والهرسك وجمهورية يوغوسلافيا وكرواتيا. وتبعا لتقارير محكمة العدل فإن الصرب قد ساهمت في تلك الحرب بجيشها ودعمها المالي للقوات الصربية والتي أصبحت فيما بعد جيش يوغسلافيا الشعبي . وقد قدمت كرواتيا قواتها أيضاً. أما بالنسبة للبوسنة فقد كانت قوات الحكومة البوسنية تقود .

جيش جمهورية البوسنة والهرسك.

الابادة الجماعية في البوسنة: التي أعقبت تفكك يوغوسلافيا السابقة اودت بحياة أكثر من 100,000 شخص في البوسنة والهرسك بين عامي 1992 و1995، معظمهم من المسلمين البوسنيين، وشردت أكثر من مليوني شخص آخرين. وتنوعت تلك الإبادة لتشمل كل شيء على الأرض الحجر والشجر والانسان وشهدت مجزرة سربرنيتسا أحد أحلك الفصول في تلك الحرب.في تموز/ يوليه 1995، اجتاح جيش صرب البوسنة مدينة سربرنيتسا ـ التي أُعلنت سابقاً منطقة آمنة بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 819 ـ وقام بقتل الآلاف من الرجال والمراهقين بوحشية. وتم نقل ما تبقى من السكان المسلمين البوسنيين الموجودين في سربرنيتسا - حوالي **** امرأة وطفل ومسن - قسراً إلى خارج المدينة. كانت هذه أكبر مذبحة في أوروبا منذ الهولوكوست.

الإرث الثقافي ومكتبة سراييفو حيث تحدث الكاتب في فصل مطول عن المكتبة، فخلال سنوات الحرب، لم يعانِ أهل سراييفو ويلات الحصار فحسب، بل كانت المدينة -خلال أيام حصارها 1425 يوم - تقصف من كل اتجاه، ولم يستهدف المعتدي تدمير البنايات السكنية فقط بل شمل أيضا المدارس والجامعات والمكتبات، مما دفع البعض للقول إنها حرب “إبادة ثقافية” في الأساس، وكما ظهرت بطولات البوسنيين من أجل الحفاظ على حياتهم، ضحوا كذلك للدفاع عن ثقافتهم، إذ عرّض كثير من البوسنيين حياتهم للخطر من أجل إنقاذ الكنوز الثقافية والعلمية. وتم قصف مكتبة البوسنة الوطنية وإحراقها عدة مرات ودمرت محتوياتها بالكامل، ومع ذلك قامت مجموعة صغيرة من محبي الكتب -منهم عامل النظافة وحارس المكتبة الليلي- بنقل المخطوطات سرا للحفاظ على جزء من المكتبة التي تحوي ذاكرة أجيال البوسنيين طوال ألف عام، وتضم العديد من المخطوطات الثمينة والكتب التي لا تقدر بثمن.

وقال الدكتور مصطفى ياهيتش مدير مكتبة الغازي خسروا بيك خلال فترة الحرب -للجزيرة نت- “أدركنا أن الحفاظ على تراثنا وكنوزنا الثقافية والعلمية أهم من الحفاظ على حياتنا، لأننا إن متنا سيأتي من بعدنا آخرون، أما إذا تم تدمير التراث فلن نستطيع أن نعوضه”. ويستطرد ياهيتش “إن موت شخص أو أكثر هو بلا شك أمر جلل، لكنه بالتأكيد أهون بكثير من تدمير الهوية الذي يعني موت الشعب بكامله”. “لقد أدركنا أن الحرب بالأساس هي حرب على هويتنا، وأن أحد الأهداف الرئيسية للمعتدي هو تدمير ذاكرة الشعب البوسني المتمثلة في مكتباته، لذا، قررنا أن نقاوم”. ظهر الأمر جليا بعد أن قصف المعتدي مبنى المكتبة القديمة لمدينة سراييفو (فييشنيتسا) بالقنابل الحارقة، ورأينا النار والدخان الكثيف يخرج من نوافذ المبنى العتيق، فأدركنا أن مكتبة الغازي خسروا بك في خطر شديد، ولا سيما أنها تحوي كنوزا تاريخية من منها مخطوطات نادرة باللغات العربية والفارسية والعثمانية، وغيرها”.

كيف حافظوا على الكتب؟ “قمنا بتنظيم أنفسنا في مجموعات قليلة العدد حتى لا نلفت نظر العدو أو جواسيسه. قمنا بنقل الكتب والمخطوطات والمطبوعات من مكان إلى مكان، مستخدمين صناديق الفاكهة، حتى وضعناها في مكان آمن، بعيد عن مرمى القصف المباشر. كدنا نقتل أكثر من مرة، لكننا والحمد لله نجحنا في الحفاظ على تلك الثروة البشرية القيمة التي ورثناها من أجدادنا، كي نورثها لأبنائنا وأحفادنا”.

بعد انتهاء الحرب، قامت المشيخة الإسلامية بالبوسنة ببناء مبنى جديد لمكتبة الغازي خسروا بك، بتمويل من دولة قطر، وتم افتتاحه في يناير/كانون الثاني 2014. المبنى الجديد يجمع بين العراقة في شكله وتصميمه، والحداثة في تجهيزاته وطريقة عمله، وتم عمل “كتالوجات” للمخطوطات القديمة، وحفظت عن طريق “الميكروفيلم” بمساعدة الحكومة الماليزية.

نمضي مع ( حارث) الطفل البوسني الذي يجد نفسه وجها لوجه أمام تداعيات تلك الحرب القاسية المدمرة.

فجأة يجد حارث نفسَه مكشوفا دون سند او غطاء او معين، فالحرب وصلت إلى قريته ( فوتشا) و أسرته دُمِّرت و تمزقت بين قتيل و مفقود و أسير، و الفظاعات التي رآها في قريته ستترك أثرا سيئا صاعقا في نفسه لن تمحوه السنين .

يقع حارث في أسر مليشيا القتل الصربية، و يتنقّل بين معسكرات الاعتقال الدامية، ويلاقي الكثير ممن يأخذ عنهم حكايات القهر و المرارة و المعاناة و الألم. كل القصص حزينة ، تتشابه في الفجيعة و تختلف في التفاصيل .

و البوسنة.. تلك البلاد الوادعة المسالمة تغزوها ( الوحوش) الشيطانية لتصيب ( ثأرا) كما زعمت عمره مئات السنين.

كل شيء في البوسنة سيعاني القتل و التدمير و العذاب ... حتى المكتبات و ذخائرها لن تنجو من محاولة الإعدام و طمس الهوية.

يقولون ان الحرب سهلة فمن السها اشعال النار، ومن الصعب اطفائها هنا الانسان المقهور، هنا صرخة في وجه المذابح التي طالت المسلمين في أزمنة وأمكنة من التتار الى غزة، حيث تتداخل صور غزة واليمن وسوريا ولبنان والسودان والبوسنة والهرسك في لوحة ألم واحدة، حيث يذوب المكان في المأساة، ويصبح الوجع هو العنوان فالحروب يكون هدفها المكان وثرواته لا الانسان

الرواية، التي يصفها صاحبها بأنها “ليست كباقي الروايات”، تأتي كنبش في ركام الحرب، ورصد لوجع يسكن الحروف، في محاولة لإعادة الإنسانية إلى وجه العالم الملطّخ بالدم.

بالوجوه التي تُشبهنا، في الرواية ما اكثرها ، لكنها تواجه أقدارًا لا تُحتمل ، أناس لم يختاروا قدرهم أناس كانوا يحلمون بغد افضل يفكرون في بناء بلد لا وقود بلد

الأم: الوجه الأول للحياة، واليد الأخيرة التي تحاول ستر الجثث بالدعاء. هي معراج الرواية نحو الرحمة، تمسك بخيوط الإيمان لتربط بها ما تبقّى من البيت والسماء.

لأب: حضورٌ صامت، لكنه ممتدّ في كل تفاصيل الذاكرة، يختصر معنى الرجولة المهدورة حين يُذبح الرجل ولا يصرخ.

حارث واخته: الامل الذي اصبح وقود الحرب

لإمام شريف: النور الأخير في ظلامٍ كثيف، يصلي تحت القصف، ويذكّر بأن الإيمان ليس عُكازًا للنجاة بل طريقةٌ لمواجهة العدم.

أما أولئك الذين ارتكبوا الجرائم، فلا أسماء لهم. العتوم يرفض أن يمنح الوحوش هويةً بشرية، لأنهم لم يعودوا ينتمون إلى هذا النوع.

وهنا تكمن عبقريه: إذ لا يُشيطن الفرد، بل ينزع الإنسانية عن الجريمة نفسها.

لعلّ أبرز ما يميّز الرواية هو قدرتها على الوصف الذي يجعل الألم مرئيًا دون أن يفقده كرامته. حين يصف الكاتب حرق المكتبة، لا يكتفي بالمشهد الخارجي، بل يجعلنا نرى الكتب وهي «تصيح بصمتٍ» كأنها أرواح شهداء. وعندما تمرّ الدبابات على الجثث، نسمع «طقطقة العظام تحت عجلاتها الثقيلة»،

الوجع على لسان ف فتى واحد:: يحمل الفتى حارث ذاكرة جيله، فيروي كيف انهارت مدنٌ بأكملها، وكيف كانت الطفولة تُدفن دون شاهد.لكن رغم قسوة المشاهد، لا يسقط العتوم في فخّ استدرار العطف، بل يحافظ على كرامة الحزن.

يُظهر الوجع لا ليستدرّ دمعة، بل ليزرع سؤالًا في الضمير الإنساني.

الكاتب يوجّه روايته إلى العالم بأسره، لا إلى شعبٍ واحد، لأن المذبحة التي يصفها هي مجزرة الإنسان ضد نفسه، تتكرّر في كل أرضٍ نُزعت منها الرحمة..

في هذه الرواية، يواصل أيمن العتوم مشروعه الأدبي القائم على استنطاق الألم الإنساني، كما فعل في رواياته السابقة عن الحرب مثل خاوية التي تحدثت عن الحرب السورية والرعب عن حرب غزة وذائقة الموت والمخطوطات الثلاث

. حين تصمت الكلمات وتتكلم العيون ولا يمكنك أن تتابع يومك كأن شيئًا لم يكن. تشعر بأن اللغة خرجت من الكتاب لتسكنك، وأن الدم الذي سُفك صار في عينيك. لكنك تعيشه في إبادة جديدة في غزة

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق