الرواية : حاوي
الكاتب: عبد الرحمن حجاج
دار النشر: الرسم بالكلمات
الرواية الأولى من سلسلة روايات الرعب التي بدأتُ فيها، لكنها في الواقع مزيج من أدب الجريمة وقليل من الرعب.
ورغم ذلك فإن هذا القليل كان كافيًا للتلاعب النفسي وإحداث حالة من الرعب مؤثرة بشكل كبير، و قد يشكّل خطرًا نفسيًا على القارئ، ربما لأنها التجربة الأولى لي مع هذا النوع من الأدب.
كان من الممكن أن تصبح الرواية خطيرة وتحصل على العلامة الكاملة، لولا بعض المواقف التي لم تعجبني؛ مثل مقابلة بطل العمل رحيم وسينين ابنة أبيه الروحي، إذ بدت فيه الحبكة والأحداث ضعيفة وغير منطقية و قد تجاوزت عنها
لكن مع قرب انتهاء العمل تحوّلت الأحداث إلى أكشن مثير على الطريقة الهندية، بعدم منطقيته واستحالة حدوثه.
أي قارئ يصل إلى تلك النهاية سوف يتساءل عن مصير الأبطال المرافقين لرحيم لماذا اختار رحيم تلك النهاية لهم : سينين، فلك، وداوود و تامر.
في المجمل، الرواية جيدة ومثيرة حتى قرب النهاية، بفضل التأثير النفسي وبعض التأملات الفلسفية التي ظهرت مع بدء مقابلات الصحفي تامر برحيم "حاوي" القاتل المتسلسل.
● دعوة للقتل :
" هو الإنسان ممكن يتأثر بشخص أوي كده ؟
لما تبقى إنسان بلا هوية، بتتشعلق في أي هوية عشان تحس بس إنك موجود. "
أخطر ما في العمل هو إظهار كيف يمكن لقاتل ذكي أن ينجح بالأساليب النفسية في التأثير على شخص عادي، ليُخرج من داخله الشر المكنون ليطفو على الشخصية الرئيسية و يصبح قاتل كأنه سلب منه إرادته ولا أنكر أنني تأثرت أيضًا.
أرى أن الإنسان حين يقبل على جريمة بشعة كالقتل لا يمكن أن هو نفس الشخص السوي الذي نتعامل معه بل يتحول إلى شيطانه الكامن داخله عندما تسنح الفرصة لذلك "
● حادثة الإسماعيلية إحدى جرائم رحيم الطفل
، وتذكرت حادثة طفل الإسماعيلية هذه الأيام، الذي ارتكب جريمة بشعة بإنهاء حياة زميله لمجرد أنه لا يحبه، وتخلّص منه بطرق خيالية.
تتشابه إحدى جرائم الرواية مع تلك الحادثة في تفاصيل كثيرة.
ربما هذا النوع من الروايات والمداومة على قراءتها لا يكتفي فقط برفع معدل الإدرنالين ومنح بعض الإثارة، لكنه يُحدث تأثيرًا بالغ الخطورة، يُسهِّل على بعضهم تقبّل فكرة الجريمة أو تنفيذها، تمامًا كما تفعل الألعاب الإلكترونية المرعبة.
● الأسلوب والسرد
الكاتب أجاد في السرد وإدارة الحوار بين بطلي العمل ببراعة.
ولا توجد أي فترات في الرواية قد تصيب القارئ بالملل، بل يمكن إنهاؤها في جلسة واحدة، لكنها ستترك أثرًا نفسيًا سيئًا (رعب نفسي).
وهذا يُحسب نجاحًا للكاتب.
لا شك أن كثير منا قد واجه يومًا ما مشكلة مع شخص، وفكر في الانتقام أو في تخليص عزيز عليه من شخص مؤذٍ، فيصبح القتل حينها هو أسهل الطرق فاحذر...
وللأسف، زادت جرائم القتل وأعمال العنف في الآونة الأخيرة رغم انتشار كاميرات المراقبة، وارتفاع وعي الناس بعقوبة الجرائم، وسرعة المحاكمات، ويقظة الشرطة...
لكن تأثير السوشيال ميديا أقوى، وانتقال عدوى الجريمة عبرها أسرع.
● استدراج نفسي كفيل أن يفقد الإنسان إيمانه بالحياة ليتحول إلى ناقم على كل شيء :
" بعض الأشياء تحدث فقط لأنها يجب أن تحدث، ليس كل ما يحدث من أفعال ومواقف يحمل بين طياته مؤامرة كونية ضدك، أنت لا شيء، صدقني، أنت مجرد كيان غير مرئي في عالم بغيض لا يرى سوى نفسه في المرآة كل صباحٍ ومساء، أنت بقعة بيضاء متناهية الصغر فوق حلة بيضاء يرتديها العالم في يومٍ هام، فلا يراك ولا يكترث حتى لوجودك إن لمحك، مسكين من يظن أنه صاحب أهمية، الكل يتحرك، الكل يدور في فلك روتينه وماهيته. "
● الصحافة دائمًا في قفص الاتهام :
هنا رحيم يتعجب مما تقدمه الصحف من أخبار الجريمة و الدم و العنف و تسعى وراء فاعليها في حين أنها تعزف عن السعي وراء قصص النجاح للعلماء و المثقفين و هي إحدى دروس رحيم :
" غريبة الدنيا دي، سايبين قصص نجاح حقيقية لمبدعين ودكاترة وعلماء وجاي تعرف حكاية واحد زيي! قد إيه إحنا عالم سادي! بيستمتع بالدم أكتر من أي شيء تاني، لما كنت أهم كاتب في الوطن العربي ماشوفتش في عيون الناس لهفة معرفة أخباري زي اللهفة اللي بحس بيها دلوقتي بعد ما بقيت رحيم الحاوي مش رحيم لاشين. "
● ملاحظات خفيفة :
• لا يعقل أن يحدث إغماء لسينين إبنة حافظ من مجرد سماع إسم والدها
• الصراع بين بديع مالك البيت و تامر المستأجر عنده مبني على أساس ضعيف جدًا لأن بديع تحمله وقت ضيقته فكيف يسعى لطرده و إذلاله بعد أن بدأ يسدد الإيجار و اسمه كصحفي بدأ يلمع ؟
• في افتتاحية الرواية جريمة قتل داخل السيارة و تم اكتشاف أن الضحية أحد رجال الشرطة في محاولة إيقاعهم بالقاتل رحيم فكيف تغفل الشرطة عن حماية راجلها؟
• حافظ يعرف رحيم جيدًا و الشر الكامن داخله و ليس لديه عزيز فكيف يأتمنه على إبنته بعد أن كبرت و أصبحت أمرأة بالإضافة لتجاهل والدها لها كل هذا العمر .
● اقتباسات أعجبتني :
" لماذا لا ندرك أن بعض النصائح قد تغير حياتنا بالفعل؟ لماذا لا نفهم الفرق بين من ينصحنا حبًا ومن ينصحنا مكرً"
" الإنسان كائن مخيف، جواه شر كامن بيستنى للي قدامه أي لحظة ضعف عشان تظهر، وزي ما قولت لك من شوية، كل واحد جواه قاتل مستني لحظة الإقلاع! "
#ريفيو_على_أدى
#ماجد_شعير

