أفراح على قبور الصالحين > مراجعات رواية أفراح على قبور الصالحين > مراجعة Bassem Khalil

أفراح على قبور الصالحين - محمد صاوي
تحميل الكتاب

أفراح على قبور الصالحين

تأليف (تأليف) 4.1
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

اسم الرواية: #أفراح_على_قبور_الصالحين

تأليف: محمد صاوي

تصنيف الرواية: ديني / اجتماعي

دار النشر: ن للنشر والتوزيع

عدد الصفحات: ٢٣٠ صفحة

سنة الإصدار: ٢٠٢٣

التقييم: ⭐⭐⭐⭐

هل نحن بحاجة إلى وسيط يحمل طلباتنا وأحلامنا إلى الله سبحانه وتعالى لكي تتحول تلك الأحلام إلى حقيقة؟

• هذا هو السؤال الجوهري الذي يبني عليه الكاتب الشاب محمد صاوي أحدث أعماله الأدبية رواية "أفراح على قبور الصالحين"، حيث يعيد طرح قضية الوساطة بين الإنسان وربه في إطار اجتماعي وديني مثير، تدور أحداثه في مطلع القرن الماضي بقرية السنطة بالغربية، حيث يرقد ضريح السيد "أبو العلا البكري"، منذ أكثر من تسعة قرون، شهد الناس خلالها عددًا من الكرامات والبركات - أو هكذا تراءى لهم - والتي جعلتهم يومًا بعد يوم يزدادون تمسحًا والتصاقًا بالمقام، بل ويدافعون عنه أيما دفاع وبأشد استماتة وبشتى الطرق والأساليب.

• منذ القدم، تبنّت عائلة الحسناوية، أعرق عائلات السنطة، خدمة ضريح السيد "أبو العلا البكري"، مستمدةً منه هيبتها ومكانتها بين الأهالي، ومستخدمةً مقامه كرمزٍ للسلطة الروحية والاجتماعية في آنٍ واحد، والظهور أمام الجميع بأنهم رجال تقوى وورع، ورجال خير ودين.

• تخبرنا الرواية بأن القرية بها فريقان متناحران بكل أنواع التناحر – قولًا وفعلًا – بقيادة شيخين (أيوب وإدريس)، إذ يرى الشيخ أيوب وتابعيه وتلاميذه أن التبرك بالأضرحة والتمسح بها طلبًا لرضا الله واستجابته لدعواتهم جائز ٌ ومشروع، في حين يؤكد الفريق الآخر بقيادة الشيخ إدريس أن مثل هذه الأعمال لا تنطلي إلا على كُفر بواح، وأنه صار لزامًا على أهل القرية أن يستفيقوا من غفلتهم وجهلهم، وأن يعودوا إلى رشدهم، فالله عز وجل ليس بحاجةٍ إلى وساطة كي يرزق أو يشفي أو يهب إناثًا وذكورًا لمن يشاء.

• بينما يرى الحاج طالح الحسناوي كبير عائلة الحسناوية، والذي ورث خدمة المقام عن أبيه وأجداده، أن هذا الضريح هو حياته وكل ما يملك. ولهذا، فهو مهيئ لفعل أي شيء مهما كلفه ذلك من أموال وأنفس في سبيل الإبقاء على هذا الضريح ثابتًا لا يتزعزع، والتصدي بكل قوة للمعارضين لهذه الخرافات، فما السر في تشبث طالح بالمقام؟ وهل الأمر يقتصر على أنه يرى أن صاحب المقام قد أظهر على مر السنين كراماته ومعجزاته ومن ثم فإنه لا يمكن المساس به أو بضريحه؟ أم إنه هناك سر دفين وراء ذلك المقام؟

• في خضم كل ذلك، يعرج بنا الكاتب إلى بعض الحواديت التاريخية والتي نجح في ربطها وتضفيرها في أحداث الرواية، من أبرزها، علاقة طالح الحسناوي بالخديوي عباس حلمي الثاني، والتي زادته وقارًا ومهابة بين أهل قريته، فضلًا عن عمله ومتاجرته مع الإنجليز، وإن كان أهل القرية لا يعلمون أي نوع من التجارة يشتغل بها طالح مع المحتلين للبلاد، لكن ذلك لم يجعلهم يشكون ولو للحظة أنه رجل خير ودين، فهو الذي يقيم لهم مساء كل خميس وليمة كبيرة على شرف صاحب المقام يوزع فيها اللحوم والطعام على الفقراء، والمساكين، والجهلاء، والمغيبين من أهل القرية وما أكثرهم.

• وكان مقتل الشيخ إدريس – في إحدى المحاولات المستميتة له ولأتباعه لهدم الضريح – بمثابة الشرارة التي أشعلت نار حرب مستعرة ظلت مشتدة ومحتدمة بين المؤيدين والمعارضين، حدثت خلالها جرائم قتل واختطاف كان يراها مجاذيب الضريح بأنها غضبٌ من السيد على القرية وناسها، بينما أصر المعارضون لوجود المقام على أنه هناك من يدبر الأمر بليل وفي الخفاء، وأنه صار لزامًا عليهم أن يقوموا بالقضاء على هذه الضلالات والأكاذيب حتى تستفيق القرية من سباتها العميق وغفلتها السحيقة طيلة هذه القرون، فهل تحقق لهم ما أرادوا ونجحوا في مرادهم، أم سيظل هذا المقام عصيًا على الهدم؟ ومن يا تُرى سيخرج منتصرًا من هذه المعركة الضارية؟ هذا الذي ستكشفه لنا نهاية الرواية والتي حملت وقائع ومفاجآت عديدة حول سر هذا الضريح وحقيقة من يرقد به.

• الحبكة

تميزت حبكة الرواية بالإحكام والترابط والقوة، فطوال صفحاتها وأنا أتساءل عن ماهية هذا المقام، وما السر وراء تشبث طالح الحسناوي ببقاءه راسخًا مهما دفع من أثمان باهظة.

• الشخصيات

- نحن أمام رواية لا تحتوي على شخوص كثر، فطالح الحسناوي هو شخصية العمل الرئيسية، والذي استطاع الكاتب بنائها ببراعة وإحكام، وقد ذكرتني هذه الشخصية بالدور الذي لعبه زكي رستم في فيلم رصيف نمرة خمسة، ذلك التقي الورع الذي لا يترك فرضًا في المسجد، بينما يخبئ في جرابه شرورًا وخبائث ألقت به في نهاية المطاف إلى حيث يستحق.

- ولدينا كذلك الشيخان إدريس وأيوب، حيث يقدم كل منهما طوال أحداث الرواية أسانيده ودفوعه وحيثياته لأتباعه وتلاميذه بأن ما يراه هو الحق وأن الحزب الآخر على ضلال مبين.

- هناك شخصيات أخرى لها وزنها وثقلها في حبكة الرواية، مثل فتحية زوجة طالح الأولى، وحجاج خادم المقام (شخصية لا يُستهان بها أبدًا)، والشيخ الوسطي عمير الذي لطالما حاول التوفيق بين الأطراف المتنازعة وقد دفع هو الآخر الثمن غاليًا، إلى جانب ابنه عبد الغفار والذي يُعد أحد الشخصيات المؤثرة في نهاية الرواية.

• ما أعجبني

- نجح الكاتب في تقديم حبكة متينة لا ثقوب بها، وظلت كذلك حتى الرمق الأخير من الرواية، حيث تم فك كل الخيوط المتشابكة بأسلوب لا ينقصه الإثارة والتشويق والإقناع في آن واحد.

- تميزت معظم الشخصيات بالعمق والثراء والتحولات المنطقية وفق سير الأحداث.

- ولا يفوتني أن أشيد بمصمم الغلاف إسلام مجاهد، على إخراجه لهذا الغلاف البديع والمتفرد، والذي كان أحد أهم عوامل الجذب لقراءتي للرواية.

• ما لم يعجبني

طغت العربية الفصحى على السرد والحوار بالرواية وهذا أمر جيد للغاية، وبشكل شخصي أميل إليه أكثر من استخدام العامية. لكن ما يؤخذ على الكاتب ميله في مواضع كثيرة للاستعراض وفرد العضلات اللغوي، وهو أمر واضح لا لبس فيه، حتى أنه لجأ لاستخدام مفردات يتعين على قراء كثر البحث عن معنى هذه الكلمة أو تلك لفك طلاسم الجملة.

وفي ظني أن الرواية لم تكن تحتمل تواجد مثل هذه المفردات، لا سيما وأنت تتحدث عن عمل أدبي يقع جُل أحداثه في إحدى قرى مصر التي تنضح فقرًا وجهلًا ومرضًا، وهو ما يُضفي على النص مسحة من التكلف لا تنسجم مع طبيعته.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق