بحب أقرأ عن التاريخ..
بس الفترات اللي فيها اضطراب وصراعات دينية وسلطوية بتوترني.
من هالفترات اللي دايمًا بتجنب أقرأ عنها "الفترة الفاطمية".
فترة متداخلة، ومليانة تناقضات، وكل طرف فيها بيحاول يفرض وجهة نظره على إنها "الحقيقة".
الرواية بعيدًا عن فكرة إنها بتعرض حقائق أو لا، خلتني أعيش الأجواء بعيون الناس البسيطة، المكسورين،و المترددين.
و الحلو فيها برأيي، إنها ما بتحكي عن السياسة كوقائع، بل كوجع.
دميانة مش مجرد اسم بطلة، هي مراية لكل إنسان بيحاول يحافظ على نفسه وسط عالم عم ينهار.
بنت مسيحية عايشة بمجتمع مسلم منقسم، بتحاول تظل بحالها، بس كل شي حواليها بيجبرها تواجه، وفجأة بتصير نقطة تقاطع لكل شي: الدين، السياسة، الحب، والخوف.
حسّيت فيها، لأنها ضعيفة، بتنوجع، متل كتير ناس مرقوا بالتاريخ بدون ما حدا يكتب عنهم.
يوسف، الشب السني اللي بيحاول يلاقي توازن بين قناعاته وواقع دولة بتحكمها سلطة فاطمية، كان شخصية مشوّشة، متل أي إنسان بيحاول يكون صادق مع نفسه بعالم ما بيعترف بالحياد.
أما قيس، الوجه الآخر، فانحاز للسلطة وبلش ينسى ملامحه مقابل النفوذ. الوجه اللي اختار السلامة على حساب المبادئ.
وهاي الشخصيات بنشوفهم حوالينا اليوم بكل شكل ولون.
الرواية ما حاولت تبررهم، بس خلتنا نشوف كل حدا فيهم بعين صادقة،
حتى لو كنا رافضين تصرفاته.
وإنت بتقرأ، بيخطر ببالك:
لو كنت بهداك الوقت، مع مين كنت راح أكون؟
وبتحس كأنها بتحكي عنّا، عن اليوم، عن الانقسامات والاختلافات اللي صارت تفرّق بين الناس، بالدين أو بالسياسة، و بالحقيقة نفسها.
الرواية مش سهلة، لغتها رائعة، بس أحيانًا بتضيع بالأحداث، مش لأن الكاتب مشتّت، لكن لأن الزمن اللي بيحكي عنه كان مشتّت.
كل خيط مرتبط بعشر خيوط غيره،
وكل شخصية عندها رواية ونسخة من “الحق”.
وهيك بنكتشف إن…
القصص الكبيرة مش للأبطال والمقاتلين بس،
فيها تكون للخائفين، الحالمين، والأشخاص العاديين اللي قرروا يكمّلوا حياتهم رغم كل شي.
والماضي مش "حدث"، إنما تجربة بتتكرر بأشكال مختلفة كل يوم.
والهوية مش ورقة تعريف، لكن معركة داخلية طويلة،
وكل جيل بيعيش نسخته الخاصة من عهد الفاطميين.