"كيف يتركها؟! كيف يتعالى عليها؟! كيف لا يُشركها في هذا المجد الذي وصل إليه؟ إنه صنيعة يدها، إنه ملكها…فإذا عاد صبّت غيظها وحقدها في سياط تطلقها عليه، فتحاول دائما أن تقنعه بأنه حقير، وأنه قزم، وأنه أتفه من أن يصل إليها…" - الخيط الرفيع لإحسان عبد القدوس 🇪🇬
إذا قلت أن هذه الرواية لو كتبها أحد شباب الأدباء المعاصرين لتعرّض لشديد النقد، بل وللتهكّم المفتوح، لاتّهمني عبدة الأصنام الأدبية بالتجديف، ولكن ما باليد حيلة: سردية مسطّحة لا تليق باسم قامة كبيرة كعبد القدوس، ولعل الفيلم قد منحها شهرة لا تستحقها بفضل فاتن حمامة ومحمد ياسين وسيناريو يوسف فرنسيس.
الخط الرفيع في الرواية هو ذلك الخط الواهي بين الحب الذي يتبعه البذل والعطاء، وحبّ التملّك الذي تحرّكه الأنانية والرغبة في السيطرة، وهو خطّ نعرفه جميعًا رغم إصرار المؤلف على الاستفاضة في شرحه وكأنه عماد نظرية جديدة في علم الاجتماع. نموذج البطلة في الرواية شاذ، وشاذ هنا ليست حُكمًا أخلاقيّا وإنما توصيف أدبي لشخصية مُبتذلة شكّلتها ضرورة أدبية يصعب توطينها في الواقع المصري آنذاك.
أما شخصية البطل، فهي أفضل ما في الرواية وأكثر ما في العمل واقعيّة، وهنا تجلّت مهارة المؤلف في تصوير الذات المرتبكة، التي لا تقف على أرضية صلبة، تتوق إلى الاهتمام وتضحّي من أجله بكل شيء وصولًا إلى الكرامة. يذبل الرجل شيئا فشيئا، بينما ينقلب السحر على الساحر، فتشقى المرأة بحقدها ويتعس الرجل رغم نجاحه. تظل أعمال إحسان عبد القدوس كاشفة عن قضايا وتحولات هامة شغلت المجتمع في منتصف ستينيات القرن الماضي (الرواية صدرت في العام السابق على النكسة).
#Camel_bookreviews