الرواية من نوع الروايات الببليوفيلية أي التي تنبني على الكتب والقراءة والمؤلفين، فتغدو المكتبة قلبها النابض، وتتحول الصفحات إلى رحلة بين الروايات الكلاسيكية والمعاصرة، تُضيء أسماء لم نكن نعرفها من قبل وتعيد إلينا أخرى مألوفة. وما شدّني أكثر أن الحديث عن إدغار آلان بو نال نصيبا واسعا، وكأن المؤلفة أرادت أن تجعل من حضوره مرآة لمزاج النص وسوداويته الخفيفة الممزوجة بالأمل.
.
لا تكتفي الرواية بسرد حكاية بائع كتب، بل تبني عالما تتقاطع فيه كل دوائر الأدب: من المؤلفين إلى القُرّاء ومن القصة القصيرة والخيال الأدبي إلى التشويق والجريمة، ومن صراع الكتاب الورقي مع القارئ الإلكتروني إلى قيمة الجوائز وأثرها
.
مواطن قوة العمل تكمن في:
١-الحبكة المزدوجة: المزج بين لغز سرقة تيمورلنك ثم صراع صاحب المتجر مع المرض، أعطى الرواية تنوعا بين التشويق والعمق الوجودي.
٢-حضور الأدب: الإشارات إلى المؤلفين والروايات جعلت العمل متعة خاصة لعشاق الكتب، وكأنه مكتبة داخل رواية.
٣-بناء الشخصيات: شخصية فكري تحديداً رسمت بمهارة فهو رجل متشبث بالذاكرة ويجسد صراع جيل بأكمله.
٤-الحوارات: طبيعية لكنها عميقة.
٥-الرمزية: استخدام تيمورلنك، القارئ الإلكتروني، والمرض كرموز متداخلة منح النص أبعاداً فلسفية خفية.
.
الرواية وضعت الماضي في مواجهة الحداثة: الماضي ممثل في الكتب الورقية ومتجر فكري، والحداثة في القارئ الإلكتروني والعالم المتغيّر. هذا التضاد لم يكن مجرد خلفية، بل محور الصراع الذي كشف عن عمق الشخصيات وقلقها الوجودي
.
من الناحية التقنية الأدبية،أستطيع القول إن العمل متماسك ومبني بذكاء؛ اعتمد على الحوار كوسيلة أساسية للسرد، حيث تعرفنا من خلاله على الشخصيات والأفكار في آن واحد، كما وُظِّفت الرموز بمهارة—من كتاب تيمورلنك إلى القارئ الإلكتروني—لتعكس الصراع بين الذاكرة والحداثة.
.
هل حقق العمل جودته الأدبية؟
من الناحية الأدبية، العمل حقق جودة جيدة: حبكته متوازنة بين الغموض والبعد الإنساني،الشخصيات مكتوبة بعمق،الأسلوب سلس وغني بالرموز،والحوارات حية ومعبرة. قد تكون بعض التفاصيل كثيفة في تكرار الإشارات الأدبية،والعنوان بدا فضفاضاً وغامضا مقارنة بجوهر النص،ولكن ذلك لم يقلل من متانة البناء الفني وفاعلية الرواية في جذب القارئ وتقديم تجربة أدبية متكاملة.👏🏼
أنصح جدا بقراءته
#ناديا_كعوش