الألم يُحصد الآن > مراجعات رواية الألم يُحصد الآن > مراجعة Mahmoud Toghan

الألم يُحصد الآن - دينا ممدوح
تحميل الكتاب

الألم يُحصد الآن

تأليف (تأليف) 4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

1️⃣ الموضوع : قراءة نقدية

2️⃣ العمل : رواية " الألم يُحصد الآن "

3️⃣ التصنيف : نفسي

4️⃣ الكاتبة : دينا ممدوح

5️⃣ الصفحات : 150 أبجد

6️⃣ سنة النشر : 2025 م

7️⃣ الناشر : المحرر للنشر والتوزيع

8️⃣ التقييم : ⭐⭐⭐⭐

▪️الألم : ثمر ينبت من قلوب الحكايا

ـ حينَ تُزهرُ الكلماتُ من سطوة الذنوب ، وتتفجّرُ الحكاياتُ من صدعِ القلوب ، تولدُ الرواياتُ لا لِتُلهي ؛ بل لِتفضحَ وتكشف ، لا لِتُسلي، بل لِتبكي وتعصف … لا تواري لا تداري بل تجاري نفوساً عاطبة ، وأرواحاً باهتة .. هنالك ، في دهاليزِ الوجع، قربَ متاهاتِ الآلام، خرجت روايةُ «الألمُ يحصدُ الآن» للكاتبةِ دينا ممدوح ، إصدار دار المحرر للنشر والتوزيع (2025)، كصرخةٍ مكتومةٍ تسمعُها القلوبُ، من حنجرةٍ مكلومةٍ أبكتها الخطوبُ، كمرآةٍ داكنةٍ تعكسُ وجوهَنا، وتنثرُ عيوبَنا، بما فيها من عوراتٍ وخطايا.

ـ ‏روايةٌ بلا بوّابات، بلا تمهيدٍ ولا مقدمات؛ حين تفتحُ صفحاتِها ، فإذا أنتَ في غرفةِ الطبيبِ النفسي، تتناوب الخطايا على مائدةٍ سيّدُها الشيطان ، وسرابُها الأمان ، وحقيقتُها الاستغلالُ والخذلان .. خطايا ستٌّ تجمعن من "الغرورِ إلى الحسدِ ، إلى الغضبِ، إلى الكسلِ، إلى العُهرِ، إلى الشراهةِ والنَّهَم؛ لا مجالَ لتدرّجٍ ولا لمسافةِ أمان .. تبدأ من القلبِ مباشرةً، حيث يواجهُ القارئُ وجوهَ المرضى الستة، كلُّ واحدٍ منهم يحملُ خطيئةً، وفي كل منهم نقطة بريئة ، كلُّ واحدٍ منهم صفحةٌ من كتابِ الألم، حتى تنكشفَ الحقيقةُ الكبرى: فدواؤُهم نفسُه هو الخطيئةُ السابعةُ، كِبْرٌ متغطرسٌ وشرٌّ مقيم…!

ـ وجدوا عنده علاجاً لخطاياهم وسبيلًا لرضاهم، لكن ولما الطبيب عرفَ آثامَهم ونقاطَ ضعفِهم تمكّنَ منهم، فحوَّل خطاياهم إلى وسيلةٍ لغايتِه الرذيلة؛ يقتاتُ من غرورِ الأولى، وينتقمُ بحقدِ الثاني، ويُصارعُ بغضبِ الثالث، ويتلذّذُ بعُهرِ الرابعة، ويجرّبُ على كسلِ الخامس، ويستندُ إلى نَهَمِ وشراهةِ الأخير .. بلا عقلٍ يردع، ولا ضميرٍ يمنع، ولا قلبٍ يرحم، بل وابلٌ من رصاصِ الغدر يضربُ به كلَّ من به وثق، حتى كان عليهم كما الليلُ إذا غَسَق .. يرجون القمر إذا اتسق ، لكنهم في غيهم يركبون طبقاً عن طبق ..‏«ها أنتَ ذا في قلبِ العاصفة».

▪️‏الخطايا في وجوه الشخصيات

‏أعرف من قبل دينا ممدوح قارئة مدققة وناقدة محققة ، وهنا تعرفت عليها كاتبة ملهمة تُجسّدَ الخطايا السبعة في عيادةٍ واحدة، تحت إشرافِ طبيبٍ نفسيٍّ لا يُنقذ الأرواحَ بل ينهشُها، فإذا بنا أمام ستة مرضى يحملون ستَّ خطايا، بينما تجسّدت السابعة في شخصيةِ الطبيبِ نفسِه….

‏أريج: تجسيدُ الغرورِ وحبِّ الذات، جمالُها تاجُها، وجسدُها رأسُ مالِها، وبه كان سقوطُها؛ إذ تهاوى تاجُها مع الزمن، فانكشفت هشاشتُها ... راحت تنشدُ الكمالَ من الجمال، فأعطاها الطبيبُ مرآتَه الخادعة، فأعطته ما يُريد.

‏رضا: صورةُ الحسدِ والحقد؛ فقد أُسرته في حادثٍ بينما نجا صديقُه، منذ تلك اللحظة لم يعُدْ رِضا إنساناً، بل صار ظلّاً للحقد .. عيناه لا تُبصران إلّا أفراحَ الآخرين، ويداه لا تبطشان إلا بكلِّ سعيد .. كرهَ الضحكاتِ في البيوت، تحوّل إلى سيفٍ مسلولٍ على كلِّ من يعيشُ سعادةً افتقدها.

‏غالية: ثمرةُ بيتٍ مهدومٍ بالخيانة، وقعت في شهوةٍ مستهلكة جعلت جسدَها مباحاً لكلِّ طارق، تبحثُ في وَحلِ الخطيئة عن مرفأ أمان .. طفلةٌ تاهت في بيتٍ بلا جدران، وشابةٌ ضاعت في بحرٍ بلا شطآن... ومع مرور الأعوام، تورّطت في الفخِّ نفسِه.

‏هادي: رجلٌ طبيعيٌّ تحوّل بعد شكٍّ في خيانة زوجتِه إلى عبدٍ للغضبِ والانتقام .. يعيش على الشرر، يقتات من الفوضى، فطلّقها، وهدم بيتَه، وأشعل في صدرِه ناراً لم تُطفأ قط .. صار الغضبُ لغتَه الوحيدة: يصرخ، يضرب، يشتم، يبطش ... كلُّ يومٍ يولدُ فيه هو يومٌ جديدٌ للانتقام.

‏سيف: من فرط حركي إلى سكون تام ، ضحيةُ دواءٍ وشفقة، تجسيدُ الكسلِ والخنوع، كائنٌ ينامُ ويأكلُ وينعزل، جسدٌ مثقلٌ بالوَهن، وروحٌ معلّقةٌ في الفراغ .. يتحرك قليلاً، ينامُ ثقيلاً، يأكلُ لَهْوماً، يصمت مهموماً .. صار حبيسَ كسلِه، سجينَ خنوعِه، منعزلًا عن الناس كما لو كان كائناً منفياً من الحياة.

‏زياد: دخل عيادةَ الطبيب مثقلاً بعارِ جريمةِ قتلٍ خطأ ارتكبَها في عملِه، لكنها لم تكن إلا ورقةً جديدةً في كتابِ شراهتِه .. كان شَرِهاً في كلِّ شيء: طعامِه، شرابِه، كلامِه، عملِه، حتى ندمِه .. لا يعرفُ الاعتدالَ، ولا يرضى بالقليل .. ثيمة للإنسانِ الذي يأكلُ من الدنيا حتى يلتهمَ نفسَه.

الخطيئةُ السابعة، لا في مريضٍ ولا زائر، بل في الطبيبِ الجائر: الكبْرُ والشرّ؛ إذ استغلّ مرضاه بدلًا من علاجِهم .. جعل من أموالِ أريج مطيّة وسبيلاً ، ومن قوةِ زياد سلاحاً ثقيلاً ، ومن هادي ذراعاً للانتقام، ومن سيف فأراً للتجارب والأحلام ، ومن غالية جاريَةً لشهواته، ومن رضا أداةً يصبُّ بها حقدَه وفق نزواته .

▪️‏الحبكة وبناء الرواية:

‏ـ جاء البناءُ الروائيّ بطيياً لكنه محكماً رغم بساطة اللغة؛ حبكةٌ تقوم على التصاعد من جلساتِ التشخيص إلى لحظةِ المفاجأة: العثور على الطبيبِ مقتولاً في عيادتِه، في أجواءٍ غامضةٍ توحي بالانتحار، كما جاء في تقريرِ الطبِّ الشرعي، بينما غاليةُ تعرف أن النهاية لها وجهٌ آخر.

ـ ‏افتتحت الكاتبةُ الروايةَ بلا مقدماتٍ ولا عتبات، لتقذفَ القارئَ في قلب المشهدِ الأول: الطبيبُ في جلسته مع أحد المرضى .. قد يرى البعضُ هذه المباشرة افتقاراً إلى التمهيد، لكنه في المقابل يمنحُ النصَّ توتّراً سريعاً واندفاعاً مباشراً ؛ كأنه إعلانٌ صريح أن الروايةَ ليست معنيّة بالزركشة والزينة، بل بفضحِ العوراتِ والنفوس المهينة .

▪️‏اللغة والأسلوب والعرض:

‏اللغةُ جاءت وسطاً بين التكلّفِ والتخلف ؛ لا فلسفيةٌ مدهشةٌ ولا متدنيةٌ منفّرة ، بل تؤدّي الغرضَ بسلامةٍ ووضوح، تخلو من الاصطناع، بعيدة عن الإفراط والإطناب .. هذا الخيار يجعلُ الروايةَ قريبةَ المأخذ، سهلةَ التناول، وإن حُرمت شيئاً من الشجن أو الدهشة الجمالية التي تصنعُها العباراتُ الشاعرية .

▪️‏الرواية بعين محمود توغان:

ـ ‏«الألمُ يحصدُ الآن» عملٌ يقرأ النفسَ البشرية بعدسةِ الأخلاق ، ويُعرّي الإنسانَ في لحظةِ الإشفاق .. قويةُ الفكرة، جيدةُ البناء، متوسّطةُ اللغة، جريئةٌ الطرح .. يغيب عنها العاطفةِ الشعورية التي تدفع، واللغةِ الشاعرية التي ترفع . لكنها رغم ذلك تُضيفُ إلى الأدب النفسي نصّاً يُحفَر في الذاكرة، لأنه يعكس حقيقةً مُرّة: أن خطيئةَ المستغِل أخطرُ من خطيئةِ المستَغَل، وأن الذنبَ منه مُنكَر وأجَل.

ـ ‏تؤكّدُ أن الخطايا شِراك، والقلوبُ أفلاك، والنفوسُ بيدِ خالقها تَهوي أو تَرتقي ، تَذِلّ أو تَعِزّ وتتقي .. وما بين غرورٍ بغيض، وكسلٍ يفيض، وحسدٍ حارق، وغضبٍ مُفارِق، وشهوةٍ غادرة، وشراهةٍ جائرة، يبقى الكِبْرُ أصلَ الشرورِ كلِّها؛ فهو ذنبُ إبليس .. فإذا كان الطبيبُ، وهو المؤتمنُ على الجراح، قد صار جلّاداً، فما بالُنا بغيرِه؟! إنّ الألمَ لا يحصدُ الآن فحسب، بل يحصدُ كلَّ آن، في كلِّ نفسٍ ضعيفة، وفي كلِّ روحٍ خفيفة.

▪️بعض الاقتباسات:

❞ من استساغ الخطيئة سيكون من الصعب عليه أن يتركها، إن مذاق الفضيلة علقم، بينما الإثم مستطاب! ❝

ـ ❞ معرفة الأسرار نعمة كبيرة، ولكل منا طريقة مختلفة في التعامل مع السر، بوجه عام الإنسان مخبأ أسرار، والطبيب النفسي هو مفتاح هذا المخبأ. ❝

ـ ‏❞ أن الخطيئة باقية بالدماء حتى الموت، حتى وإن نويتَ التوبة، فهناك بعض الخطايا منسوجة بجلدك، تسير داخل شرايين قلبك، تأكل من روحك. ❝

ـ ‏❞ معجزتي كانت أنني سمحت لعقلي وقلبي أن يخطئ ولكن حين جاءت لحظة التوبة كنت حاضرة، خبأت كل الإثم الذي كان يُعشش في روحي ووقفت لأكون أنا ❝

#أبجد

#دينا_ممدوح

#الألم_يُحصد_الآن

#مسابقات_مكتبة_وهبان

#مسابقة_ريفيوهات_الألم_يحصد_الآن

#مراجعـــات_محمــــود_توغـــــان

Facebook Twitter Link .
2 يوافقون
اضف تعليق