أنبهرت بيها وشدّتني من أول سطر، السلاسة وجمال اللغة، أسلوب بطلة تحكي ببساطة تفاصيل يومية هذا الهدوء كان يتشكل في توتر خفي لا يلبث أن ينفجر لاحقًا ليكشف عن وجهٍ آخر للمكان والشخصيات وما يبدو لنا عاديًا لوهلة ثم تنقلب المفاهيم. وكأن الكاتبة تستخدم سهولة الكلام لتهيئة أرضٍ خصبة للخوف دون تكلّف أو مبالغة.
من جهة هناك الطفلة راحيل ذات التسع سنوات التي تتحول إلى روح شريرة أو ربما تستولي على حياتها روح شريرة لن أحرق الأحداث، والقربان الذي لابد من دفعه مهما كان الثمن!
الرواية تجمع بين الرعب الخفي والقوى الماورائية والجن والسحر وبين صراعات إنسانية داخلية متاهة تأخذك في اتجاهات عدة حتى تتبين الحقيقة، خاصة الخيانة من أقرب الناس، ومن جهة أخرى هناك الخالة “مورين” التي تمثل هذا القلب الذي لا يرغب في الاستسلام، وتدفع بكل ما تملك ارداة واصرار وسط الهلع في عالم مظلم ومصير مجهول وأحداث غامضة ..
مروى جوهر استخدمت الغموض بطريقة تجعلك دائمًا في حالة ترقب، بلا سرعة كبيرة في إيقاع الأحداث، لكنها تحافظ على شعور دائم أن هناك شيء خطير خفي يكبر في الظلال.. وبالطبع أنت لا تعرف سبب كل شيء فورًا
والشخصيات الأقرب قد لا تكون هي من تتوقّع أن تؤذي!
كل ذلك اجتمع ليجعل القربان اختبار لمدى قدرتنا على التمييز بين الوجوه، على مواجهة الأسرار التي يخفيها أقرب الناس، على التضحية عندما لا تكون الخيارات سهلة.. عن المواجهة حتى ونحن في أضعف حالاتنا!!
إنها رواية تستحق الإعجاب وهي تسحبك لعالمها بهدوء.. لا بصراخ.

