تلك المعلقة بطرف العرش… قامت الدنيا ولم تهدأ حتى عادت، وكأن الحياة بأكملها معلقة بها، تدور في فلكها وتستمد وجودها من حضورها.
كلما قرأت عملًا جديدًا للكاتبة منى سلامة، ازددت يقينًا بأنها كاتبة استثنائية، وبأنني لن أخيب أملي أبدًا وإنها سوف تغمرني بعوالمها الآسرة وإن كان العرّاب قد علّم أجيالًا من الشباب عشق القراءة، فأنتِ اليوم تعلّمينهم القيم والمبادئ، وتزرعين فيهم الأخلاق النبيلة، فتنبض كلماتك بالحياة وتفيض بالحكمة في كل سطر.
في القصر الأسود خضتُ تجربة مختلفة مع أدب يحمل نكهة جديدة، حيث الشخصيات ثرية بتناقضاتها، تحمل خلفيات ثقافية واجتماعية متباينة، تنتمي إلى زمن غابر، لكن ملامحها لا تزال حاضرة بيننا، كأنها مرآة تعكس وجوهًا نعرفها ونصادفها في حياتنا اليومية. تركيباتهم النفسية المعقدة هي سر اجتماعهم، فقد جمعتهم اختلافاتهم لا تشابههم، وجعلتهم يتحدون تحت مظلة واحدة لأن كلاً منهم كان بحاجة إلى الآخر. ففي التشتت ضياع وضعف، وفي الترابط دفء وقوة، وقد وجدوا في تلك العائلة المختارة ما افتقدوه طويلًا، فصار القصر الأسود موطنًا لقلوبهم قبل أن يكون مكانًا لسكنهم.