أصل الأنواع > مراجعات رواية أصل الأنواع > مراجعة Fedaa El Rasole

أصل الأنواع - أحمد عبد اللطيف
تحميل الكتاب

أصل الأنواع

تأليف (تأليف) 4.2
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

هل يُمكن أن تُمحي آثار المدينة؟!.

في مشهدٍ درامي كان رام يستحم بشكلٍ عادي أو هكذا ظن.. لكن راودتة في هذا الاستحمام أطياف خياله الغير مُستقر.. فتهيأ له أنَّ شعره سقط كما تساقطت بنايات المدينة وأشجارها داخله..هُيئ له أنُّ ساقطٌ في واقعٍ مُبهم يُعاني آثارة وحده..لم تتركه تلك الأشباح التي ظلت تُحادث دواخله حتي استيقظ واكتشف مرارة الكابوس الذي عاش فيه نائماً لكنَّه رآه كحقيقة حتي وإن كانت داخله فقط..وكأن الكاتب يبدأ الرواية بسؤالٍ عن ما يعتمل في أثر النفس من فعل الواقع والأحلام وتراكمات الذكريٰ التي تختلط بالمدينة.. هل يُمكن أن يُمحيٰ كل ذلك كما مُحي شعر رام في منامه؟!.

تُشبه بداية قصتنا بمُقدمات الروايات الأجنبية..تُحاكي بدايات الأفلام المُثيرة..ومع ظهور أول اسم في الرواية تعتقد أن أحداثها تقع في أوروبا وهي بعيدة تماماً بطبيعة سردها أن تكون داخل مصر فضلاً عن كونها في أحد المناطق الشعبية..أحسست بخداع أحمد عبد اللطيف بعد خروجي من أجواء رام والدخول في قصة سيد بيتشان.. والانخراط التام في أجواء الشارع المصري..انقلاب سردي وتغيُّر مُفاجيء في نمط القصة لكنّي لم أشعر بغرابته!..وتلك النقطة حفظتها للكاتب وحُسبت له.

تنفتح عوالم الرواية بطريقة فانتازيا غرائبية يحكي من خلالها الكاتب عن واقع الحال المصري بشكلٍ مُثير غير صريح ولا مُباشر لكنَّه واضحٌ كالشمس ومعناه يسطع بين الحكايات بلا لبسٍ أو حاجة للاستطالة في التأويل..فما لا يُقال بالمُباشرة يُمكن أن يُحكي بالتأويل- وعلي الله محدش ينخرب ورانا -.

استفزّتني سردية أحمد عبد اللطيف..جعلتني طريقتة في الحكاية أُتابع القصة بشغفٍ كامل ووعيٍ مُتيقّظ لاستلهام المعنى الذي يقصد..ظللت أواصل القراءة باستمتاع آملاً في الوصول إلي ذاك الرابط الذي غيّر مصائر أبطال الحكايات ومنحنا تلك المُتعة السردية الغير مألوفة والغريبة!.

تعاطفت مع الجميع..تعايشت مع مخاوفهم وتفهمت أن أزماتهم التي عاشوها رُبما وقعوا فيها لارتباطهم بتلك المدينة..علمت جيداً من خلال القصص أن التعلق بالمُدن مرض يُمكن أن يُفضي لأي شيء حتي وإن كان نقص الأعضاء بلا مقدمات ولا سبب..لعنتهم المدينة فخرجوا من طورها ببلاء نُقصان الجسد.

لم تشفع لهم ذِكريٰ ولا توبةٍ أو أُمنية..لم يستكملوا أحلامهم أو أن المدينة قررت أن تسوق عليهم الأشباح ليتوقفوا عن الحلم ويسايروا الحياةَ المجنونة التي يعيشونها في مُربعاتهم الضيقة..تفهمت أن الإشكالية دائماً ليست في الأشخاص ولا حتيٰ في أفعالهم..وأنَّ للمُدن سطوة تفوق تحكمات البشر..وأنَّ الذكريٰ مهما طالت لا تزول..ولا ينفك صاحبها عن الاستئناس بها مهما طال موت أحباؤة وبعدهم عنه..فكُلُ بعيدٍ قريب لأن المسافات هُنا لا تُقاس بالمعني البشري المادي للقياس..ولكن بمعني التقاء الأرواح والتئامها في عالمٍ غير الذي نحيا.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق