1️⃣ الموضوع : قراءة نقدية
2️⃣ العمل : مجموعة مقالية " البيه مش بواب"
3️⃣ التصنيف : إجتماعي ـ نفسي ـ تربوي ـ إرشادي
4️⃣ الكاتبة : Shaimaa Eletrabi
5️⃣ الصفحات : 146 Abjjad | أبجد
6️⃣ سنة النشر : 2024 م
7️⃣ الناشر : إبهار للنشر والتوزيع
8️⃣ التقييم : ⭐⭐⭐⭐
ـ مجموعةٌ قصصيةٌ أو مقاليةٌ بنكهةٍ تربويّةٍ تبحثُ في العلاقات، وتحاولُ أن ترمِم تصدّعاتٍ أنشأتها الأساليبُ الخاطئةُ في التّعاملِ والتّربية، عبرَ مجموعةٍ من القصص، ربّما هي حقيقيّةٌ أو ربّما من خيالِ المؤلِّفة، إلّا أنّها أقربُ ما تكونُ من الواقع .. ولما كانت الكاتبةُ متخصِّصةً أصلًا في الإرشادِ النفسيِّ والتربويِّ والاجتماعيِّ والأسريِّ، فإنّ الطابعَ العامَّ لهذه المجموعة كان في هذا الصَّدَد.
ـ فأنتَ تشعرُ بحميميّةٍ شديدةٍ وأنتَ تقرأ، وتشعرُ بموضوعيّةٍ كذلك في الطرح، وتشعرُ بأهميّةٍ أيضًا في عرضِ الموضوعات. لا تُقدّمُ الحلولَ بقدرِ ما هي تُناقشُ الحالاتِ من كافّةِ الجوانب ، تتغلغلُ فيها الإرشاداتُ التربويّةُ والنصائحُ السلوكيّةُ والأفكارُ الانضباطيّة، ويتجلّى ذلك بلغةٍ هيّنةٍ ليّنةٍ جميلةٍ مرِنةٍ تتناسبُ مع كافّةِ القرّاء؛ غير مُعضِلةٍ، وغير مُلتويةٍ، وغير مُنحدِرة. سردُها بالفصحى، وحواراتُها كما تتطلّبُ القصّةُ مرّةً بالفصحى ومرّةً بالعاميّة.
ومن خلال القراءة لَفَتَ نظري مجموعةٌ من القصص أحببتُها جدًّا، ومنها:
• في البداية قصّة "صابر": هذا الولدُ الذي نشأ على الأوامرِ والنواهي، لا يُخالف ولا يأتي بمنكر، مُحرَّمٌ عليه البكاء، فنشأ مُقيّدًا بقيودٍ من حديد .. فلمّا كبر وشقّ طريقَ الحياةِ والتعاملِ مع البشر، أضحى سجينَ فكرِه، مُنغلقًا على مبادئه التي توطّنت في ذاته بالقوّة .. صرخةٌ في وجهِ المجتمعِ الذي يُربّي بهذا النّوع، علَّه يفيقُ من هذا الثّبات.
• وفي قصّة "6 إكس": مع فادي وريم، أرضيّةٌ مشتركةٌ بين زوجَين تجلبُ الحبَّ وتدفعُ الضّرَّ، وتقيمُ الحياةَ عادلةً جميلةً هادئةً .. لكنَّ الفِتنَ قد تدخلُ، وقد دخلت، فمالَ كلٌّ منهما إلى شطره .. يبقى السؤال : أهكذا تُحلُّ الخلافاتُ بالبعدِ والهجر، أهكذا يستجيبُ الناسُ للفتن، أهكذا نَمحو ماضٍ من الحبِّ والعشقِ والإخلاصِ بعذرٍ لا يمتُّ للحقيقةِ بصلة ..؟ كلُّ امرأةٍ قويّةٍ بظاهرِها مستقلّةٌ عن زوجها، هي في باطنِها ضعيفةٌ تحتاجُ إلى كلِّ شيءٍ فيه؛ إلى أمانِه، وحنانِه، وعطفِه، ورعايتِه، كُلِّه وجُزئِه.
• في قصّة "الرّقصة الأخيرة": بين عمر ووردة، حبٌّ من مهدِ، الطفولةِ إلى حيثُ شاء الله، والارتباطُ الرسميُّ الذي انقلبَ بين عشيةٍ وضحاها إلى انفصالٍ رسميّ. لكنّ وردة جعلت من عمر كلَّ حياتها، فلمّا اختفى اهتزّت تلك الحياة، وتدهورت وتشرّخت بغير رتق .. أكدت بهذه القصّة أنّ على المحبِّ أن يُنوِّعَ محبوباته بين هوايةٍ أو صديقٍ أو عائلة؛ فإذا اختلّ أحدُها اتّكأَ المحبُّ على الباقي، وإلّا ففي الهاوية كما حصل.
• تجلّت آهاتُ الغربة في قصّتها القصيرة جدًّا ذاتِ المعاني العميقة جدًّا، "تذكرة رايح جاي"، حول صديقتها وفارق العملةِ المثيرِ للمقيمين، والذي يُخفي خلفه وابلًا من جحيم؛ جحيمِ الاغتراب، والعمرِ الضائع، ومفارقةِ الأهل والأحباب .. كلُّ هذه الضرائب لفارق العملة التي يعمى عنها كلُّ مقيم، وهو في نعمةِ الله في وطنه آمنًا طيّبًا.
• وفي القصّة الأطول في المجموعة "البيه مش بوّاب": تدلّلُ الكاتبةُ على أنّ التربيةَ الأبوية يجب أن تكون متوازنةً، متوازيةً بين القسوةِ واللين، بين الدلالِ والشِّدة، بين الخشونةِ والنعومة .. فلا يُتركُ الحبلُ على الغارب، ولا يُشدُّ فيُقطع. مع رامي عز الدين، الابن الذي تربّى في كنفِ والده، الرجلِ الثريِّ الذي يُباشرُ أعماله بجدّيةٍ وعبقريّة. لكنَّ التدليلَ المفرط لرامي جعله لا يُقيمُ لهذه الحياة العمليّة معنًى .. وخشيةً من ثبات هذا المعنى في وجدانِه وحياتِه، قرّر أن يُعلّمه كيف يكون رجلًا يعتمدُ على نفسه .. في قصّةٍ جمعت بين التربيةِ النفسيّة والاجتماعيّة والخلقيّة، وحين غاصَ رامي في واقعِ الناسِ وتعاملَ معهم، أيقنَ مدى النعمةِ التي هو فيها، وحاول إصلاحَ نفسه.
▪️بعض الملاحظات:
رغم أنّ الكتاب تناول موضوعاتٍ عدّة وفق رؤيةٍ فكريّةٍ وتربويّةٍ واجتماعيّةٍ جيّدة، وهو محاولةٌ لبثّ الأمل واستنهاض العزائم والهمم والعمل غايةَ ما هنالك، فإنّه لم يخلُ أيضًا من بعض الملاحظات، ومن أهمّها:
1. الاسم: كنتُ أُفضّل أن يكون الاسمُ غير مرتبطٍ بقصّةٍ معيّنةٍ، ليأخذ طابعًا شموليًّا عن فكرته وهدفه.
2. التوصيف: توصيفُ العمل بكونه مجموعةً قصصيةً غير دقيق، إذ هو أقربُ إلى كونه مجموعةً مقاليّةً توعويّةً تتخلّلها قصصٌ لتوضيح المعنى المقصود والمراد.
3. الغلاف: يوحي الغلاف بكون العمل يحمل طابعاً رومانسياً دراماتيكيا ، لكن باطنه خلاف ذلك تماماً.
لكن بالجملة، فهي ملاحظاتٌ يمكن تلافيها فيما هو قادم، لأنّ العمل في حقيقته ممتعٌ، شيّقٌ، مؤثّرٌ، وهادف.👌