فتاة من الشرق: وقائع هروب العائلة الشركسية في مائة عام > مراجعات رواية فتاة من الشرق: وقائع هروب العائلة الشركسية في مائة عام > مراجعة DaliaKabary

هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

الشرط الأول من #شغف_القراءة_الموسم_الخامس

#شغف_القراءة

#فنجان_قهوة_وكتاب

مناقشة رواية "فتاة من الشرق" الصادرة عن دار دَوِّن للنشر والتوزيع Dawen Publishers

.. أولًا أود أن أتوجه بخالص الشكر والتقدير إلى الكاتبة المبدعة نوران خالد على وقتها الثمين الذي خصّصته لي، وعلى سعة صدرها في هذه المناقشة الأثرية.. لقد أسعدني كثيرًا الحوار معها، كما أسعدتني روايتها الجميلة فتاة من الشرق بما حملته من عمقٍ إنساني وجمالٍ سردي وتاريخي.

إن لقاء الكتّاب بأعمالهم شرف، أما لقاؤهم بقلوبهم وعقولهم في الحوار فهو متعة مضاعفة. ممتنّة لكِ أ. نوران على هذه التجربة، وأتمنى لكِ المزيد من التألق والإبداع في كل ما هو آت.. 🤎

Nourane Khaled

**مراجعة لرواية "فتاة من الشرق" وقائع هروب العائلة الشركسية في مائة عام " للكاتبة نوران خالد.

❞ ولكن يبدو أننا لا ندرك عمق مأساتنا إلا عندما نراها متجسدة في غيرنا.. حينها فقط ندرك مدى الظلم الذي أصابنا عندما نرى الصورة الكاملة للمعاناة واضحة أمام أعيننا في حياة غريب عنا! ❝

هناك روايات تمر بنا مرور الكرام، وروايات أخرى تترك في القلب أثرًا لا يزول. ورواية فتاة من الشرق تنتمي للصنف الثاني بلا شك...

.

.

على مدار صفحاتها، وجدت نفسي أغوص مع الكاتبة نوران خالد في مأساة الشركس، ذلك الشعب الذي عاش تهجيرًا قاسيًا لم ينجُ منه سوى القليل، وحملوا معهم ذاكرة الفقد والشتات عبر أجيال متتابعة. ما أبهرني أن الرواية لم تكن مجرد سرد لوقائع تاريخية، بل كانت شهادة إنسانية عن كيف يستطيع البشر أن يتحمّلوا ما هو أكبر من طاقتهم، وكيف تتحوّل الطفولة البريئة إلى شاهد على المذبحة والاقتلاع...

أكثر ما لمسني هو البناء المتوازي بين الماضي والحاضر، بين "نورسان" الجدة التي حملت الذاكرة الأولى، و"ميري" الحفيدة التي ورثت الحكاية ومعها الوجع. هذا التنقل بين زمنين يبعدان أكثر من مائة عام جعلني أشعر أن المأساة ليست فصلًا وانتهى، بل لعنة ممتدة، تتناقلها الدماء والذاكرة معًا.

السرد كان سلسًا، اللغة متينة ومليئة بالشجن، والوصف دقيق إلى حد أنني شعرت كأنني أرى القرى المهدمة، والصفوف الطويلة من المهجّرين على ضفاف البحر الأسود، وكأن أقدامهم المرهقة تسير بجانبي. في أكثر من مشهد، أُغلقت عيناي تلقائيًا لشدّة القسوة، ثم أعود فأفتحها لأنني مدفوعة باكتشاف ما سيحدث لهم.

لكن وسط كل هذا الألم، ظل هناك خيط رفيع يربط الأرواح بالحياة: الحب. ليس الحب الرومانسي وحده..

بل حب العائلة، حب الأخت والأم والابنة

ذلك التمسك بالآخر الذي يجعل الإنسان قادرًا على الاستمرار حتى حين تنهار الأرض من تحته.

وأنا أقرأ الرواية لم أستطع أن أمنع نفسي من التفكير في حاضرنا. صور التهجير القسري التي عاشها الشركس منذ أكثر من قرن تتكرر اليوم في غ.. زة، حيث يُقتلع الناس من بيوتهم تحت القصف، ويفقدون الأمان والملاذ تمامًا كما فقده نورسان وميري من قبل. الفارق في الأزمنة لا يُلغي أن الج/رح واحد: ج/رح الإنسان حين يتحول لوح/ش ضد أخيه الإنسان.

هذا التشابه جعل القراءة أشبه بمواجهة مرآة مرة، تذكّرنا أن المأساة ليست حدثًا عابرًا، بل دوامة تتكرر إذا لم يتوقف العالم عن الصمت.

ما يُحسب للكاتبة كذلك هو حرصها على البحث والتوثيق، وهو ما ظهر في التفاصيل الدقيقة لعادات الشركس وطقوسهم، وفي ذكر المصادر التي اعتمدت عليها. هذا الجهد جعل الرواية ليست فقط عملاً أدبيًا، بل أيضًا توثيقًا يحفظ ذاكرة شعب ربما لم يكن ليعرف عنه القارئ العربي الكثير.

.. الرواية تجعلك تعيد التفكير في معنى الوطن، في قيمة العائلة، وفي قدرة الإنسان على النجاة حتى في أحلك الظروف. هي رواية عن التاريخ، لكنها في الوقت نفسه رواية عن حاضرنا وعنّا جميعًا.

بلا تردّد، أعطيها الخمس نجوم كاملة.. ليس فقط كإعجاب بنص متقن، ولكن كتقدير لقلم احترم القارئ، وبذل جهدًا ليخرج لنا عملًا يليق بالذاكرة الإنسانية..

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق