الحملة الفرنسية على مصر التي استمرت فقط ثلاثة أعوام، وهي زيارة سريعة مقارنة بالاحتلال الانجليزي الذي استمر زهاء السبعين عاما، ويحظى بقدر أكبر من سوء السمعة في تاريخ مصر الحديث. لكن هذه الرواية تظهر كم الفظائع والجرائم التي ارتكبتها الحملة في حق المصريين في فترة وجيزة، كانت تقوم بها بصورة شبه يومية، لكنها دفنت في كتب التاريخ وتم تسليط الضوء على الكشوفات العلمية والتاريخية فقط، مثل حجر رشيد، لبروزة هذه الزيارة في قالب مقبول تاريخيا، امتدادا لمحاولتهم خداع المصريين بأنهم جاءوا في سلام لنصرة أهل مصر على المماليك والعثمانيين وتمكينهم من حكم أنفسهم، مع كل الاحترام للدين الإسلامي، بل حتى الإدعاء الكاذب باعتزامهم دخول الإسلام مع أنهم استخدموا الدين لضم نصارى مصر الى صفهم كأداة رخيصة (ماديا ومعنويا) لقهر المصريين.
في صورة مذكرات يومية، يروي أحد تلامذة الجبرتي عن يوميات الحملة في مصر طوال الثلاث سنوات التي قضوها يعيثون في الأرض خرابا في مدن مصر امتدادا الى حملة نابليون على عكا، نعيش جنبا الى جنب مع الشعب المصري الاستيلاء على المممتلكات، تدنيس المحرمات، سلب الأموال، وهجمات الطاعون الذي لم يميز بين مصري وفرنسي فاتكا بالجميع.
يمتزج أسلوب الحكي بين قصة البطل مع بولين الفرنسية الشبقة وعمله كمترجم الذي يحمله لشهد حملة فتح عكا الفاشلة، وبين سرد خبري لأحداث ووقائع يفرد له الكتاب الشطر الأول والأخير من الكتاب، كأنما كانت بداية التدوين من باب الواجب ثم تطور الموضوع بظهور بولين الى واقع شخصي ألهب قلبه ففاضت تدويناته مشاعر حية تنبض، ثم بذهابها انتفت العلاقة الشخصية بالحملة، فعاد الى السرد الجاف مرة أخرى.
محمد متولي