❞ رطمة الواقع كانت عنيفةً للغاية. لم يشعر أنه يقوى على تحمُّل مثل تلك الصدمة. مع مرور السنين، يكتسب المرء شيئًا فشيئًا القدرة على تحمل الضربات. ربما تتلخص حياة البشر في هذه النقطة، تجربة لا نهائية من خيبات الأمل حتى يتوصل المرء في النهاية إلى إدارة الألم بنجاح. ❝

من لم يم يتذوق طعم الفشل ولو مرة في حياته؟ سواء في التعليم، العمل، الحب، أو في أي جانب حياتي آخر؟ أيا كان المجال، وأيا كان نوع وحجم الفشل، فهو في حد ذاته جزء طبيعي من ناموس الحياة، يكتسب منه الإنسان الخبرة، والقوة على ادارة حياته بشكل أفضل في ما يجد عليه من تحديات، هذا هو الطبيعي، بل الصحي لبناء حياة غنية لشخص قادر على صد الأزمات والتعامل معها بشكل ايجابي.

لكن ما نراه في الرواية التخيلية عن تجارب الأداء لاختيار بطل سلسلة أفلام هاري بوتر، من بين أطفال في عمر العشر سنوات، اطفال لم يختبروا من الدنيا أكثر من اللعب، ويمكن ان تكون أكبر مشاكلهم تتمثل في طلب مرفوض للعبة، أومناوشات الأقران في المدرسة.

وبعد منافسة شرسة، يتم اختيار البطل، دانيال رادكليف لبطولة السلسلة التي ستكون الحدث الرئيسي في حياته لدرجة أن ينسى الناس دانيال، ويصبح هاري داخل الاستوديوهات، وخارجها.

لكن ماذا عن المنافس النهائي؟ من جاء رقم ٢ في الترتيب، الطفل الذي نجح في كل الاختبارات ووصل الى التصفية النهائية، وأصبح كل حلمه متوقف على مكالمة تهنئة لم تحدث.

النتيجة؟ تروما مدمرة، فحجم التجربة لم يسمح له بتجاوزها، أحاط به نجاح السلسلة لسنين، نجاح دانيال الذي كان يراه لنفسه، نجاح ظل يجثم على صدر طفل في العاشرة وحتى بلوغه سن الثلاثين، سرق منه فرصة صنع حياة بعد أن وصم بالفشل حتى قبل ان يبدأ.

مع ان شخصية مارتن خيالية، لكن السيناريو منطقي جدا، واقعي بدون مبالغة، واختيار هاري بوتر كان مناسبا جدا، فالكاتبة ج.ك. رولينج قصتها مع الفشل ملهمة ومعروفة، ومع إني لست متأكدا من حقيقة شق دانيال رادكليف في الرواية ومعاناته بسبب هذا النجاح لكنه منطقية وواقعية مثلها مثل قصة مارتن.

الدرس الأهم؟ كلاهما خاسر وكلاهما كسبان، ولكن كل واحد له الحرية في اختيار دوره في الحياة.

مارتن خسر فرصة الشهرة

ودانيال خسر فرصة الحياة العادية

خسارة جاءت في سن العاشرة، لكن التصالح معها جاء في سن الثلاثين.

محمد متولي