9️⃣ #شغف_الكتب
الأدبُ البوليسيُّ نوعي المفضل وهو في مصرَ بجيلِه الجديدِ أراه يستعيدُ تقاليدَ المدارسِ الكلاسيكيةِ الكبرى في الجريمةِ، التي تأسست عالميًا على يدِ المحققِ كونان دويل وأجاثا كريستي، وعربيًا مع محمود سالم و"المغامرون الخمسة".. وها هو أحمد دويدار يسيرُ على خُطى الأوائل، ويدخل إلى بحارِ الجريمةِ بملفاتِ سامح الصيرفي. ومع جريمة الحي اللاتيني تبدأُ القصةُ .
مع طفولةٍ مقتولةٍ وقعت في حيِّ الإسكندرية اللاتيني: أمٌّ وطفلتُها الصغيرة قُتلتا داخل شقتهما، بلا أثرٍ لمقتحم، أو سرقة، أو تكسير، أو تدمير .. ما يعني أن القاتلَ من سكان العمارة ، يُعاينها رئيس مباحث القسم/ سامح الصيرفي، ويوزّعُ الشكوكَ بين الزوج الطبيب كامل، وجارهم الدكتور أسامة، وبعض السكان الآخرين. ويبدأ التحقيقُ على الطريقة التقليدية: استجواب، رفعُ بصمات، مراجعةُ كاميرات. كلُّ مسارٍ يفتحُ ثغرةً، وكلُّ فرضيةٍ تنهارُ قبل أن تكتمل. وفي قلبِ الضابط سامح الصيرفي كابوسٌ شخصي: ابنتُه "فريدة"، التي يراها في المنام قتيلةً، وكأن مقتل الطفلة جزءٌ من لغزٍ أكبرَ يتجاوز القضية.
تثبت الجريمة بكل اركانها على أحد الشخصيات تتوافر فيه الأسباب والدوافع والإمكانية ويحاكم ويحكم عليه بالإعدام لكنَّ المفاجأةَ الكبرى لا تأتي من هؤلاء المشتبهِ بهم، بل من شخصيةٍ هامشية بالكاد مرَّت على القارئ، ثم قُدِّمت فجأةً كقاتلٍ معترفٍ به، في نهايةٍ أقربَ إلى "الصدمة"..لا يصمت الصيرفي حتى يأتي بهذه الحقيقة وينقذ البريء ويعاقب الجاني الحقيقي .
كانت الحبكةُ في الروايةِ غيرَ معقدة بصورةٍ كاملة، ولكن وضعنا الكاتبُ في القصة نبحثُ ونتجوّل ونفتّش ونقاتل، وكما هي عادةُ الأدبِ البوليسيِّ، تكونُ في المقامِ الأول قائمةً على مشاركةِ القارئ في كلِّ تفاصيل البحثِ والتنقيبِ وإعمالِ العقل حتى يصلَ إلى الجاني. ورغم ذلك فقد جاءت الحبكةُ بسيطةً، لا هي معقّدةٌ تُربك القارئ، ولا هي مكشوفةٌ تدعو إلى الملل، بل محدودةُ الدوائر. ورغم أنَّ نهايةَ الروايةِ لم تكن على القدرِ الملائم، بل على العكس، وكان بالإمكانِ تقديمُ أفضلَ مما كان، كما يقولون .
اللغةَ جاءت سهلةً بسيطةً مفهومة، عربيةً فصحى خفيفةً على القارئ بكل أطيافه، سريعةَ الإيقاع غير مملَّة، وليس بها تفاصيلُ كثيرة ، تقرأها مستمتع بسهولتها وبساطتها .
نعم، الروايةُ سريعةٌ، شيّقةٌ، مثيرةٌ في بعض الأحيان، ولكنها بسيطةٌ في هذا القسم الذي يجبُ فيه تعقيدُ الأحداث وإرباكُ القارئ، لدعوته إلى التفكير والبحث. ولكن، بالطبع، لن أحكمَ من أوّل قراءةٍ على الملف الأول، فلابدَّ من قراءةِ كاملِ الملفات حتى تتضحَ الصورةُ الكاملة؛ فربما في القادمِ تكتملُ الرؤية.
#شغف_الكتب
#فنجان_قهوة_وكتاب
#شغف_الكتب_الموسم_الخامس