سماعة أذن تكفي للذعر > مراجعات رواية سماعة أذن تكفي للذعر > مراجعة Youmna Mohie El Din

سماعة أذن تكفي للذعر - لبنى حماد
تحميل الكتاب

سماعة أذن تكفي للذعر

تأليف (تأليف) 4.4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

رواية سماعة أذن تكفي للذعر – للكاتبة لبنى حماد

هذه هي قراءتي الثالثة للرواية، وقد أعدت قراءتها مرات عدّة بهدوء، محاوِلة أن أركز في تفاصيلها دون أن أسمح للتشتت أن يسرقني وسط جلسات القراءة الإلكترونية. ومع ذلك، لا أخفي اعتذاري المتكرر عن عدم حضوري حفل توقيع الكاتبة لبنى حماد، إذ أشعر بالندم على تفويتي تلك اللحظة، تمامًا كما أشعر بالدهشة من عمق هذا العمل وغموضه الذي تسلل إلى أعماقي.

لقد انبهرت حقًا، لأن الكاتبة طوّرت أسلوبها الخاص بطريقة لم أعهدها من قبل، وللمرة الأولى أشعر بإعجاب حقيقي بهذه الرواية التي حملتني إلى أجواء فيكتورية بلمسة مصرية أصيلة. طالما أحببت السرد الفصيح بانسيابيته وجماله، وقد وجدته هنا متألقًا في لغة النص وسلاسته، باستثناء بعض الحوارات بالعامية التي ـ برأيي ـ لم تكن متماشية تمامًا مع أجواء الرواية، رغم أنني أدرك أن الكاتبة ليست ضد استخدام العامية، بل وظّفتها لتخدم حكايتها.

ليلى، حفيدة ناريمان

ناريمان في الماضي كانت شاهدة على مآسٍ عائلية، إذ عانت من قسوة الظروف بعدما صار والدها قعيدًا عاجزًا عن الحركة. ورغم ذلك ضحّى من أجلها حتى تتابع دراستها في باريس، فكان فخره واعتزازه بها يضيئان الطريق أمامها.

الخسارة التي أصابت ليلى بفقدان السمع كانت صدمة لا تُحتمل، وهو أمر أدركتُه بعمق شخصي؛ فالصمت القاسي لا يرحم، والأفكار في عزلة الروح تصبح أكثر وجعًا من أي ضجيج. لقد تماهيت مع ليلى في هذا الألم النابع من الصميم، الخالي من الأصوات، المليء بالشعور بالتيه والوحدة.

ورغم أن الرواية نجحت في رسم الأحداث وحركات الجسد ولغة المشاعر بثراء عاطفي، إلا أنها افتقرت ـ من وجهة نظري ـ إلى وصف أكثر تفصيلًا للأماكن في تسعينيات القرن الماضي. كما أن اختيار مكان مثل كفر عبده لم يكن موفقًا، إذ شعرتُ أنه لا يتناسب مع أجواء القصر، وكان من الممكن أن يُستبدل بمكان أكثر انعزالًا ليعزز الطابع الغامض للرواية.

شخصيات الرواية

نازلي، أم ناريمان: امرأة متسلطة، تخشى الفقر أكثر من أي شيء، وتكشفت حقيقتها حين باعت ذهبها وضحّت بمبادئها في سبيل مصالحها. خانت زوجها القعيد، فكانت خيانتها سبب صدمته وفقدانه للنطق. نازلي لا تعرف الوفاء ولا الصبر، بل تسعى وراء الثراء بأي ثمن، حتى ولو كان على حساب شرفها.

ناريمان: قوية، عنيدة وذكية، لكنها وقعت ضحية زواج فاشل من المقدم صلاح. أعجبتني شخصيتها، فهي نموذج للصمود والكفاح رغم العوائق والألم. كنت أتمنى أن تُمنح خيارًا آخر غير فكرة قتل الرجال الخائنين، كالهجرة أو الهروب، لكنها رغم ذلك بقيت شخصية مدهشة تحمل صراعًا إنسانيًا عميقًا.

ليلى: فتاة جميلة عانت من الصمم، ترفض أن تستسلم لمرضها. وعلى الرغم من حزنها العميق، وجدت ذاتها معلمة للموسيقى بعد أن استعادت الحياة بسماعتها الطبية. كانت رحلتها مؤثرة، لأنها كشفت حقائق مريرة عن عائلتها، وأظهرت قدرتها على النهوض من قلب الألم.

لقد رسمت لبنى حماد مسار الرواية بحبكة محكمة، مليئة بالتفاصيل الإنسانية والسياسية والاجتماعية، مع جرأة لافتة في التطرق إلى موضوعات شائكة مثل العنف الجنسي داخل الزواج. شعرت أن الرواية تخوض في دهاليز الرعب النفسي، حيث الصدمة والوجع يتداخلان مع أسرار القصور وفضائح العائلات، حتى كأنها مرآة لجرائم خفية وظلال مظلمة من حياة النساء.

هذه الرواية ـ بحق ـ مرعبة وصادمة، بل تحمل قسوة لا يتخيلها عقل. ومع ذلك، فإنها تكشف قدرة الكاتبة على خلق جو مهيب، يمزج بين الغموض والرعب والخيال الاجتماعي. وقد لمستُ في هذا العمل تطورًا ملحوظًا عن أعمالها السابقة، حتى بدت لي الرواية الأكثر تماسكًا وإبداعًا من بينها.

وأقول بصدق: بعد يومين من القراءة المتواصلة، أستطيع أن أؤكد أنها من أفضل الروايات التي قرأتها في الآونة الأخيرة. إنها عمل مختلف، يعبّر عن طاقة إبداعية متجددة، ويبرهن أن لبنى حماد تحمل أفكارًا "خارج الصندوق" قادرة على أن تجعلها واحدة من أبرز الأصوات الروائية في المستقبل القريب. وأنا فخورة بها وبما أنجزته، ومعجبة بشدة بجرأتها في طرح فكرة الانتقام وتوظيف عناصر الرعب النفسي والخيال في إطار مصري أصيل.

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق