إذا كانت صحراء التتار تتناول انتظار عدو لا يصل أبداً، فإن حب تتناول انتظار علاقة لن تصبح أبداً ما يتمناه صاحبها. بطل دينو بوتزاتي، وهو مهندس معماري اعتاد أن ينظر إلى النساء من منظور الاحتياجات الجسدية فقط، يقع فجأة في حب لائدي، عاملة جنس تصغره بثلاثين عاماً. ما يلي ليس قصة حب بقدر ما هو تشريح للتردد — دوامة بطيئة حيث يستهلك الخوف من مواجهة الحقيقة معظم الصفحات.
يعطينا بوتزاتي نافذة عميقة على تأملات البطل في ذاته، وعلى مبرراته وأوهامه. تعامل لائدي معه بقسوة، وتكذب عليه كثيراً، ومع ذلك يراها ضحية لقسوة المجتمع — نتيجة لظروف تدفع بعض النساء إلى العمل في الدعارة. ومع أن الضغوط الاجتماعية واقع لا يُنكر، فإن حجة الرواية تخاطر بتجاهل دور الإرادة الفردية؛ فالقمع البنيوي يشكّل الحياة، لكنه لا يلغي تماماً حرية الاختيار.
هذه ليست حكاية شغف متبادل، بل حالة تشبّث. يتمسك المهندس بلائدي لأنها "مختلفة" — راقصة باليه، أنيقة، شابة — ولأنها تمثل له احتمالاً لتجدد شخصي. لكن ما يشعر به يبدو أقرب إلى التعلق منه إلى الحب.
كما في صحراء التتار، يستخدم بوتزاتي الانتظار ليُظهر تآكل الذات — لكن الانتظار هنا ليس لمعركة، بل لوضوح عاطفي. الرواية حميمة، خانقة، وأحياناً محبطة، لكن ذلك مقصود. نحن مدعوون للشعور بالحصار في نفس المساحة الراكدة التي يعيشها البطل.
رواية مقلقة وخانقة — أقل عن الرومانسية وأكثر عن الأوهام التي نصنعها، والأعذار التي نرويها لأنفسنا، والثمن الباهظ لعدم التصرف في اللحظة الحاسمة.