حين نبدأ بقراءة رواية "ذئاب منوية"، نظن أننا أمام نص ساخر أو بيولوجي أو ربما فضائحي من عنوانه، لكن العنوان لا يخدع، بل يرمز بذكاء إلى سلالة مكسورة، من رجال لم يمنحوا فرصة أن يكونوا أبناء شرعيين للثورة أو الحب أو الحقيقة.
تبدأ الرواية بإدريس 2، الذي يعتقد أنه لقيط، لا يعرف من أمه إلا اسمها: "آذار"، يتذكره كحلم قديم . ،،ضياع الهويه الذي يحكم
شخصية إدريس 2 هو رمز لـ الجيل الذي يولدمن أنقاض الخيبات الكبرى
الخاتم، والمزرعة، وأبو ميخائيل، ورقية، وفتحي، وجعفر، وعلي بابا، وجدة إدريس... كلها شخصيات وأماكن تحمل رمزية بالغة. المزرعة مثلاً تمثل المنطقة المحرمة، البؤرة التي تدفن فيها الحقائق وترتكب فيها الجرائم، وتقترن بالمراقبة والكذب (كاميرات).فتحي الذي يرى ويدعي العمى
الخاتم الذي مر من يد "إجلال"الى رقيه و لاحقه جعفر وفتحي، لم يكن مجرد زينة بل علامة نسب روحي، وحيازة للسر، وربما رمز للحق الذي يصادر
أما شخصية رقية، فهي ليست ضحية كما قد تبدو في البداية، بل تمثل الأنثى التي تعيد تشكيل ذاتها . علاقتها بإدريس 2 علاقة مركبة: تمنحه لذة لتأخذ منه مهمة، وتدفعه ليبحث عن "إجلال
شخصية علي بابا، كان حاملا لرمز المقاومة الصامتة. هو الذي يخفي إشارات الثوار، ويعرف الأبواب التي وسمت بالخيانة، يشرب مع إدريس 2 ويسمع اعترافاته، ثم يموت، كأنما يقول: من يعرف الحقيقة لا مكان له في هذا العالم.
أبو ميخائيل ، لا يتكلم لكنه يعلم، صامت لكنه شاهد على جريمة نسب ،ويتواطأ مع الجدة ليقال انه لقيط . وعندما ياتي ادريس1 (الأب)، بعد رحلة نفي واعتقال ووجع طويل، يجد ان له ولد مصاب بانفصام الشخصيه
هذه المسيرة القاسية هي ترجمة حرفية لسؤال الرواية الجوهري:
ماذا يحدث لطفل ،يربى بالكذب، وتطعمه الجدة
نصف الحكاية؟
ذئاب منويه ليست عن الادريسين فقط بل هي صرخه عن جيل بأكمله فطم على الخوف ونفي الى الهامش ،ادريس ٢ اللقيط الذي ليس لقيطا تربى على خريطة مشوه من الأكاذيب لا على الحقيقه التي رسمتها له جدته باسم الحمايه او الخوف ،أجيال فلسطينيه ولدت في ظروف مشوهه هي أجيال لم تولد بالنور بل خرجت من العتمه ومن نكسة الى نكبة فكانت ذئاب لا ابناء امل ، هي تفكيك للذات الفلسطينيه كما لو كانت حطاما يبحث عن جذوره