العنوان: حتى الملائكة تموت
الكاتب: رشدي مازيغ
جاء في الاهداء "إلى كل الأطفال الذين قتلوا لقد فاتنا أن نكون ملائكة مثلكم"
تتناول الرواية موضوع اختطاف الأطفال وقتلهم، كما هو موضح في العنوان والإهداء. تدور الأحداث في ولاية الجزائر العاصمة، أين يظهر قاتل فريد من نوعه، له مفهومه الخاص بالعدالة، لينتقم من مختطفي الأطفال بقتلهم وتعذيبهم، ثم باتنة، قسنطينة وخنشلة، أين تستكمل التحقيقات وبعض الأحداث. تعلن حالة طوارئ في مركز الاستعلامات العامة، يعمل كل من المدير كريم، النائب كمال، المحقق محمد الجرافة والطبيب الشرعي حميد الطابور على تفكيك هذا اللغز، مع استعانتهم ببعض خدمات أحد أقوى رجال العصابات في العاصمة، عمر الفلاح المدعو بابلو القصبة. كلما تقدم التحقيق بخطوة، أعادهم القاتل خطوات إلى الوراء عن طريق التلاعب بالأدلة، إلى حيث التحاق ثلاثي من المحققين المتخرجين حديثا، إيدير، ايثري وعبد القادر. هذا الأخير يصبح الضحية الخامسة للقاتل المجنون، بسبب ذكائه ونباهته التي وضعته على بعد خطوات من حل اللغز.
كتب رشدي بلغة سلسة، جميلة، منتظمة الأفكار. فأجاد الوصف الذي خدم الجانب التاريخي للرواية، وأمتعنا بسرده ذي النسق التصاعدي. استخدم الكاتب تقنية الفلاش باك، فعاد بنا الى زمن العشرية ومجزرة سيدي الرايس لتأسيس نفسية القاتل وتوضيح الظروف التي شكلتها.استخدم كذلك تقنية تعدد الأصوات الروائية، فتارة يحدثنا بصوت الراوي العليم، وتارة أخرى بأصوات شخصياته بالتداول. غاب الصوت النسائي في هذا العمل، إلا في تعزيز فلسفة الألم، حيث ربطه بالأمهات المفجوعات، وضحايا النظام. استخدم بعض المصطلحات البذيئة بشكل مكرر، لإضفاء لمسة واقعية على شخصياته التي تشغل مناصب عليا في أمن الدولة، مضاف إليها لمسة من الفلسفة العبثية.
تعتبر الرواية البوليسية من أصعب الروايات، لكن الكاتب أجاد بناء شخصياته، حبكته وتداخل الخيوط، مثقلة بالفن والتاريخ -على طريقة دان براون-، تنم عن ثقافة كاتبها، ثم تركها لنا بنهاية مفتوحة قابلة للتأويل بعد عثورهم على العقل المدبر الذي يعرفونه ويعرفهم. وبما أنه العمل الروائي الأول للكاتب، فشخصيا أنتظر منه الكثير في أعمال قادمة.
هبة حناش