رواية إلى أن يجمعنا القدر — تأليف: حنان حيدوس
لطالما رغبت في اقتناء هذه الرواية منذ زمنٍ ليس بالقريب، لكنّ ظروفي الخاصة حالت دون ذلك، لا سيّما مع ارتفاع سعر النسخة الورقية. وحين وجدتها متاحة على تطبيق أبجد، غمرتني سعادة عارمة، وكأن القدر نفسه أهداني تلك اللحظة التي طالما انتظرتها.
اختياري لهذه الرواية لم يكن عشوائيًا، بل كان نابعًا من رغبتي في تغيير حالتي المزاجية السيئة. كنت أبحث عن شيء يُشبهني، يحدّثني في هيئة رسائل يومية أعيشها لحظة بلحظة. على ما أذكر، الرواية تحتوي على ٤٣٢ صفحة، وقد أخذت وقتًا حسب جلسات القراءة، لا سيما وأنها صادفت فترة انقطاعي عن شبكة الإنترنت، حتى اغتنمت الفرصة، متجاهلة غيابي عن مواقع التواصل الاجتماعي.
عنوان الرواية وحده كان كفيلاً بأن يخطف تفكيري، أن يهمس لقلبي ويأسر خيالي، لما يحمله من وعد باللقاء، وبأن للغائب رجوع، وللحلم مرافئ في قلوبنا لا تنطفئ. كنت أبحث عن رواية رومانسية اجتماعية تشبهني، وتشبه أوقاتي التي تمضي ثقيلة، ومزاجي الذي تاه في زحام الحياة. شيءٌ يعيدني إلى ذاتي، كرسائل يومية تُقرأ بالقلب لا بالعين.
تُروى القصة من خلال شخصية رؤى، فتاةٌ تعيش وحدة قاسية، تعادي الحب علنًا وتتمناه سرًا، تتأرجح بين القوة والانكسار، تحمل قلبًا منهكًا بالأحلام المؤجلة، ومخاوف متراكمة من التعلق والخذلان. تراودها رؤى غريبة، كأنها رسائل من مستقبلٍ لم يأتِ بعد، تهمس لها بأن الحب قادم، لكنه لن يكون سهلاً.
في جانبٍ آخر من الرواية، يظهر أسمر، الرجل الغامض الذي كان مخطوبًا لغيرها، لكنه كان لها في السرّ والعلن سندًا وملاذًا، حتى حين اختلطت عليه المشاعر، وبات قلبه ممزقًا بين واجبٍ وميل.
لم تكن جنى سوى مرآة مشوهة للغيرة، تغلف مشاعرها برداء الحقد، حتى وإن بدت هشاشتها جلية خلف تصنّعها. أما نديم، فكان عابرًا كنسمة، حضوره خفيف، ورحيله مؤلم، حين انتزعته حادثة غامضة، تاركًا وراءه فقدانًا آخر في حياة رؤى، وأثرًا لا يُمحى من ذاكرتها.
ما أحببته في الرواية هو طريقتها المختلفة في السرد، رغم بعض المآخذ البسيطة. فقد شعرت أحيانًا بضعف الترابط في تسلسل بعض الأحداث، خاصة في الماضي الذي لم يُبنَ جيدًا، وافتقار بعض المشاهد إلى وصف الأمكنة وتفاصيل المشاعر، كتعابير الوجه وحركات الجسد. كما أن السرد باللغة العربية الفصحى كان جميلًا في بعض المواضع، لكنه في مواضع أخرى افتقر إلى السلاسة والثراء التعبيري. ومع ذلك، أُشيد بجمال الحوار المكتوب بالفصحى، والذي أضفى على الرواية لمسة كلاسيكية محببة.
كانت الفكرة الأجمل في الرواية هي تلك الرسالة الصادقة التي تبعثها إلينا: أن نواجه، أن نُحب، أن نُولَد من جديد من رحم الفقد والانكسار، وأن نثق أن الله يزرع النور في دروبنا مهما اشتد الظلام.
موت خالة رؤى – الذي جاء بطلب منها – لم يرق لي، شعرت أنه لا يليق برقي شخصية عانت وصبرت، ثم انتهت بهذا الشكل. أما النهاية، فقد جاءت مؤلمة، قاسية، وغير مرضية لي كقارئة. فقد كان اللقاء المرتقب بين رؤى وأسمر، الحلم الذي انتظرته طويلاً، مجرّد ذكرى متكررة في حلم مؤلم، لا يتحقق. وكأن القدر قرر أن يجمعهما فقط في الحلم، لا في الواقع!
أحببت طريقة السرد، والفكرة الفريدة التي تحمل رسالة تدعونا أن نعيش داخل أنفسنا، ونواجه ونحب ونُولَد من جديد، ونكافح من أجل ما نحب. وهذا ما ظهر في الأحداث والمواقف التي تعرّفنا إليها.
بكل صدق، بدأت أبكي مع هذه الرواية، كانت مدهشة في حساسيتها، مؤلمة في وجعها، صادقة في صراعها بين الذات والحب والندم. حملت نهايتها مفاجآت قاسية لم أستطع أن أتخيلها.
تحولت القصة إلى مرآة لصراع داخلي، للبحث عن التسامح والغفران. لكن الأوان قد فات. ربما خسرت، لكنها تمسّكت بقوتها. والحياة لم تمنحها فرصة الصفح، لا لوالدها، ولا لنفسها. تأخّرت، وتأخّر الاعتذار، فولد الندم من رحم الألم، ليقودها نحو بداية جديدة. رغم أن النهاية لم تكن موفقة بالنسبة لي، إلا أنني قضيت يومين كاملين أعيش بين صفحاتها. فكرتها قد تكون قديمة، لكن بعض الأماكن في الرواية كُتبت بأسلوب جيد إلى حدٍّ ما.
وهذا ما جعلني أحب هذه الرواية حقًا... رغم قسوة نهايتها، إلا أنها بقيت مؤثرة، حقيقية، موجعة... وعالقة في القلب.
❞ «إنَّ البهجة التي يخلقها وجودك تجعلني أتحمل كل شيء»- كافكا ❝
❞ «كن مُمتنًا لكل ما يمُر بحياتك؛ لأن كل ما يمر بك يحمل إشارة الله إليك»- جلال الدين الرومي ❝
❞ «إذا فقدت شخصًا ما ووجدت نفسك، فقد فزت ولم تخسر»- فريدا كاهلو. ❝
❞ أجمل الأشياء تلك التي لا نستعد لها، تلك التي تأتي دون استئذان» ❝
❞ حذرتني الرؤى أنني لست له، وأنَّ القدر حتى إن جمعنا لفترة سيُفرقنا لدهر. ❝
❞ لا تنتظري حضور أحدهم لتفرحي، اصنعي السعادة لنفسك بقوتكِ، ستفلحين يومًا.. سنة بعد سنة ❝
❞ ما البداية إلا نهاية شيء سابق، ويظن البعض منا أننا قادرون على البدء من جديد، بينما حتى -وإذا حاولنا- تظل الذكريات تراكضنا. ❝
#أبجد
#إلى_أن_يجمعنا_القدر
#حنان_حيدوس