رواية أحجية، "تفضل توديك وتجيبك" وكثيرا ماتتوقف في بعض صفحاتها ظنا بأنك قفزت صفحة ما في المنتصف فتعود للصفحة السابقة لتكتشف بأنك لم تتخطَّ أيّاً من سطورها، رواية تتحدث عن رواية شهيرة (جين إير) وكيف تنقلت بين أيدي ثلاثة شخصيات رئيسية عبر ثلاث أزمان مختلفة وكيف كان تأثرهم بها، تأخذنا من الحياة ومكابداتها إلى راحة الموت ومن وجع الفقد إلى حياة جديدة ويحتار عقلك في رسائلها وتساؤلاتها التي لا تنتهِ لا بالموت ولا بميلاد جديد.

ماهي الحياة؟ ماهو الحب؟ هل نستطيع أن نخطف رغباتنا وأحلامنا وسعادتنا قبل أن تصل إلينا قبضة الموت؟ أم تهرب منا عقولنا بسبة العشق فنحيا حيوات أخرى في نفس الحياة ونحن لاندرك من العائش فينا أغاليا فقدناه أم روحا كانت تسكننا وفرّت إليه تساكنه قبره؟ (جين) الشخصية الأولى التي بدأت معها الأحداث في العام ١٩٤٤ بمدينة الإسكندرية والتي عاشت منذ طفولتها كل معاني الحب في تفاصيل علاقة غرامية نادرة بين والدها ووالدتها، جعلتها لا تستوعب شيئا آخر سوى الحب تعنيه الحياة وعندما فقدت الجندي الذي أحبته في قصة قصيرة كحلم عابر وتأكد لها أنه قتل في الحرب أصيبت بالحمى وفارقت الحياة وهي لاتزال في التاسعة عشر من عمرها لتترك خلفها كتابين لم يفارقها طيلة حياتها التي انتهت سريعاً، أحدهما رواية (جين إير) التي انتقلت مع والدتها إلى القاهرة وبقيت هناك في الشقة التي سكنوها لتنتقل بعد ما يناهز العشرين عاما ويجدها الساكن الجديد (عادل) فيتونس بصفحاتها وهو يحاول ترجمتها من الفرنسية التي لا يتقنها بمساعدة القاموس ويبدو أن للرواية لعنة سكنتها منذ وفاة صاحبتها الأصلية حيث يفقد (عادل) عقله ويصاب بلوثة الجنون والهلاوس التي أصابت (جين) في حمى حزنها على حبيبها حتى فارقت الحياة.

ثم ينتقل الجباس بنا للعام ٢٠١٣ عندما تعثر على نسخة الرواية القديمة ذاتها (هناء) الموظفة الشابة بمكتب البريد الذي كان يعمل به (عادل) في ستينيات القرن العشرين، استطاع الكاتب بمهارة أن يتأرجح بنا بين الماضي والحاضر ذهاباً وإياباً في أحداث متشابكة منفصلة متصلة في كتابة تشبه السيناريو الدرامي أحيانا والصياغة الشعرية أحيانا أخرى، رواية جميلة حازت على جائزة كتارا العربية عن استحقاق. اعتذر لنفسي إني تأخرت عشر سنوات عن الاستمتاع بقراءتها.

صديقي المبدع الجميل #سامح_الجباس شكرا لكل هذه المتعة، خالص تمنياتي لك بالتوفيق دائما وتستمر في إمتاعنا بلا توقف.