* هذه الرواية هي أولى قراءاتي للكاتب أحمد الناصر، اللي أتواصل معايا بعد إتاحة الرواية على تطبيق أبجد و دعاني لقرائتها. يمكن بالنسبة لي العنوان الرئيسي مش أكتر حاجة تشد ولكن العنوان الفرعي مع الكلمة اللي بتوصف الرواية، كانوا بيمثلوا إغراء كافي علشان حماستي تثار و أفكر في قراءة الرواية.
* بداية الرواية كان فيها تفصيلة ذكية جداً و هي اختيار المكان اللي هيبقى موجود فيه قصر التيه، و الاختيار ده الكاتب عمله بمنتهي الذكاء، لأنه اختار بير طويل اللي بتقع في منطقة حلايب وشلاتين. حلايب وشلاتين علامهم نزاع تاريخي معروف بين الدولة المصرية والدولة السودانية، وفي المقابل بير طويل الاتنين مستغنين عنها، و هو ده المكان اللي الكاتب اختاره علشان يبقى مكان قصر التيه، ذكاء الاختيار بيظهر في قد إيه صفة النبذ اللي أُدفيت على المكان كانت مناسبة للأجواء المرعبة و الفانتازية اللي الكاتب أختارها لبعض أجزاء الرواية.
* خلونا بقى نتكلم شوية عن فكرة التوليفة، أو الأنواع والتصنيفات الأدبية المختلفة اللي الكاتب حطهم مع بعض في هذه الرواية. و الحقيقة إن الواحد محتاج يقول إن الكاتب وعد فأوفى وقدم فعلاً الأنواع الأدبية اللي هو قال إن الرواية هتتضمنها، و على الأقل حقق ده بشكل نظري، إنما بقى بشكل عملي نقدر نقول إن الأنواع موجودة فعلاً ولكن المشكلة في التوليفة، أو بمعنى أدق في امتزاج وتناغم الأنواع دي مع بعض، واللي أعتقد من منظوري الشخصي إنهم لم يكونوا متناغمين بالقدر الكافي.
* من الحاجات اللي ساعدت كمان على عدم التناغم بين الأنواع المختلفة إن الكاتب قدمهم كجزر منعزلة، و ده مش معناه إنهم مش مرتبطين ببعض أو بباقي الرواية و لكنهم كانوا مراحل و الرواية بتنتقل من مرحلة لمرحلة بشمل متتالي بدل ما الكاتب يوزع الأنواع دي على خطوط أحداث مختلفة ويشتغل على طريقة تجميع الخطوط دي مع بعض. و من منظور آخر أو زاوية أخرى هنلاقي إن طريقة المراحل دي كانت مفيدة على صعيد آخر و هو تكثيف أجواء كل مرحلة و بالتالي بقيت قادر كقرائ تحس بالاختلاف ما بين المراحل المختلفة و تحس بالانتقال من مرحلة لمرحلة.
* مش عارف ليه فكرة كاتب القصص أو الأقدار ماكنتش فكرة مريحة بالنسبة لي، و خليني أقول إن عدم إعجابي بيها مش من دافع ديني، وإن كنت مش هأقدر أقول إن ده بنسبة 100%، ولكن حسيت إن الفكرة مش مستساغة بشكل كافي لأننا بنتكلم عن عالمنا الواقعي العادي اللي احنا عايشينه، ولنتكلم عن شخص أو كاتب بيكتب فيه أقدار، و ده ماكنتش مستساغيه، يمكن لو كان الكاتب قدم عالم أكثر فانتازية و مختلف عن عالمنا الحقيقي كانت الفكرة بقيت مقبولة أكتر بالنسبة لي و ماحسيتش إنها مش مريحة ليا,
* الحقيقة كمان إن الكاتب أتأخر في تقديم بعض أشخاص الرواية و أتأخر بردو في تقديم حقائق بعض الشخوص الأخرى. الشخصية اللي أتأخر تقديمها هي شخصية أحمد أخو البطل واللي الأفضل إن كان يتم ذكرها أو تقديمها من بدري شوية علشان لما يتم تقديمها ما يوصلش للقارئ إحساس إن تقديم شخصية جديدة هو الحل السهل علشان نقدر ننتقل لتصنيف أو نوع أدبي مختلف، خاصة إن كلا البطل عن بعض ذكريات طفولته كان مكان جيد علشان يتم تقديم شخصية الأخ حتى لو ده احتاج من الكاتب إنه يغير ترتيب بعض التفاصيل علشان يكون فيه مبرر لتقديم الشخصية.
* الشخصية اللي أتأخر كشف حقيقتها هي شخصية المعالج النفسي، واللي كان محتاج يتم كشفه بدري شوية أو على الأقل يتم تقديم بعض الإشارات عن حقيقته أو على الأقل تقديم أي دليل أو إشارة على إن له حقيقة مختلفة عن اللي ظاهرة. يمكن الوضع القائم ده ساعد الكاتب على إشراك الشخصية دي في ما يتعلق بالجانب الفانتازي للرواية و طبعاً الجانب الخاص بالجريمة، ولكن في الوقت نفسه عدم الإشارة في أي وقت للحقيقة الشخصية بيدفع القارئ للشك في إن التحول ده كان الحل السهل علشان نقدر ننتقل من تصنيف لآخر. ضيف بقى على كده كمان النقطة السابقة بتاعت أخو البطل، يبقى مرتين القارئ قد يشعر باختيار الكاتب للحل السهل، وعلشان كمان فكرة استخدام الكاتب للجزر المنعزلة أو المراحل في التصنيف الأدبي بدل ما يخلي الأنواع الأدبية على خطوط أحداث متوازية بيزودوا هذا الإحساس و بيأصلوا لهذه الفكرة.
* الكاتب متأثر جداً ببعض الكُتاب والفلاسفة و ده ظهر في اقتباسه لبعض مقولاتهم جوة الرواية، بالذات طبعاً ديستويفسكي. اللي مش بس الكاتب قدمها كمقولة ولكن كانت فعلاً فلسفة لبعض الشخصيات في حياتهم و كانت فعلاً بتعبر عن المراحل و الاحاسيس اللي بيمروا بيها.
* الكاتب كمان عنده لغة قوية ظهرت بوضوح في بعض الأماكن في الرواية، ولكن بشكل عام اللغة كانت مناسبة للرواية و ماظهرتش أقوى أو أثقل مما تتحمله الرواية.