نيورا > مراجعات رواية نيورا > مراجعة Hesham Wahdan

نيورا - أحمد عبد العزيز
تحميل الكتاب

نيورا

تأليف (تأليف) 4.2
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

* المميزات / نقاط القوة *

- حبكة متجانسة جمعت بين ديستوبيا نهاية العالم وخيال السفر عبر الزمن.

- الشخصيات قدمت تصور مفزع لما قد يكون عليه انسان الذكاء الإصطناعي في المستقبل القريب.

- النهاية جاءت مفتوحة بشكل يثير حماسة القارىء ، وربما حنقه !.

-----

* العيوب / نقاط الضعف / الملاحظات *

- تعدد الأفكار والنظريات التي طرحتها الرواية افقدها عمقاً كانت تحتاجه.

- اللغة والحوار يحملان شيء من التقريرية والدروس المستفادة.

-------------------------

نظرة عامة على الرواية:

تشكل رواية ( نيورا ) مدخلًا لاستكشاف الذات والآخر ، ولتفكيك جدليات الهوية ، الذاكرة والحنين في تجربة سردية مشبعة بالرمزيات. هي ليست مجرد حكاية تُروى ، بل بنية سردية تتقاطع فيها المستويات النفسية والفلسفية والاجتماعية ، حيث تتجسد الحكاية بوصفها أكثر من رواية ؛ إنها تجسيد رمزي لعصرٍ مأزوم ، ولروح تتنازعها الحرية والقيد ، الحضور والغياب والقول والصمت.

تعتمد الرواية على أسلوب سردي داخلي ، يتكئ على التلميح أكثر من التصريح ، وعلى الشاعرية أكثر من المباشرة كما تشتغل الرواية على توظيف الزمن في بعديه النفسي والدائري ، بحيث لا يسير الحدث إلى الأمام فحسب ، بل ينكفئ مرارًا إلى الداخل ، إلى الجرح ، إلى الأصل الأول. ( نيورا ) هي دعوة مفتوحة لتأمل هشاشة الكائن الإنساني حين يقف وحيدًا أمام أسئلته الكبرى ، بلا أجوبة وبلا خلاص سوى الحكاية.

في عالمٍ يُعاد بناؤه على أنقاض الحقيقة ، ويتشكّل فيه الإنسان ككائن خاضع لمنظومات القهر ، تأتي رواية ( نيورا ) كصرخة في وجه الخراب. تنتمي الرواية إلى أدب الديستوبيا ، ذلك الفن الذي يُعرّي المستقبل لا ليُبشر ، بل ليُحذّر ؛ لا ليُطمئن ، بل ليوقظ القارئ من على حافة السقوط.

تمتاز نيورا ببنية سردية تُجسِّد انسحاق الفرد أمام هيمنة السلطة ، سطوة التكنولوجيا وضياع المعنى. ترسم عالماً غائم الحدود ، تسوده الرقابة وتنهار فيه القيم ، ليغدو الإنسان رقماً أو ظلاً يتنقل في متاهة من القلق واللايقين.

في هذا العمل، تتلاقى رموز الأدب الديستوبي الكلاسيكي مع حساسية معاصرة ، تجمع بين النقد السياسي والاجتماعي وبين النزعة الفلسفية التي تتساءل: ما الذي يبقى من الإنسان حين يُجرد من حريته ؟ وما الذي يصنع الذاكرة في واقع يُعاد تدويره حسب هوى السلطة ؟.

-------------------------

مراجعة الرواية:

هل هو ذكاء ام كذب إصطناعي ؟. يبدو الأمر محيراً بشدة. اذا نظرت للأمر من ناحية التكنولوچيا والتقدم والتطور فستميل لوصف الذكاء. كل شيء يدور حولك بدقة متناهية بناءً على حسابات دقيقة وتحليلات منطقية الخ. اما اذا نظرنا للجانب البشري والأخلاقي فما ادراك ان ما يتم تلقينه لك هو الحقيقة المجردة ؟.

ما بين ذكاء مدهش بلا أي هامش للخطأ وبين طبيعة بشرية تحمل تناقضاتها بداخل أضلعها تدور أحداث رواية ( نيورا ). صراع بين الحقيقة والسراب رسمه الكاتب بكلمات رشيقة في اطار خيالي يقترب من واقع لا يبشر بخير واضحى ملموساً بشكل او بأخر.

* الفكرة / الحبكة *

( نيورا ) هو احدى انظمة الذكاء الاصطناعي التي ركن اليها البشر واعتمدوا عليها تماماً لتسيير حياتهم وأمورهم رغبة منهم في حياة بلا صراعات ، ضغائن ، فتن ، حروب الى اخر هذه الأهوال بعد ان انتهت الحياة على الأرض نتيجة لسوء تعامل الانسان مع كوكبه.

كل شيء يسير بدقة متناهية والكل سعيد ويتمتع بحقوقه ويؤدي واجباته بمنتهى التفاني والاخلاص. هناك شروط وقوانين تم وضعها حتى لا ينقاد الانسان الى بهيميته مرة أخرى ، أهمها ان التفكير ممنوع بقوة القانون ومجرد النزوع اليه ستدفع ثمنه غالياً بطريقة مبتكرة جداً تتناسب مع زمن ( نيورا ) !.

هل هناك حياة مثالية فعلاً بهذا الشكل المنمق والدقيق ؟. حياة بلا تفكير ، مشاعر ، تأمل ، فن والاهم بلا تجربة وخطأ.

رسم الكاتب قصة جمعت بين ثيمات شائعة في أدب الديستوبيا على غرار الأخ الأكبر في رواية ١٩٨٤ ، محرقة الكتب في فهرنهايت ٤٥١ ولمحات متناثرة هنا وهناك من يوتوبيا أحمد خالد توفيق وقام بمزجها على طريقته بصبغة الخيال العلمي حيث السفر عبر الزمن ، تسجيل الوعي والذكريات الكترونياً بحثاً عن خلود متوهم مع لمسات من ماهية ومضمون مسخ فرانكنشتاين والفكرة الأثيرة ( ترومان شو ) حيث كل شيء يدور في فلك محدد لا يجوز للبشر الخروج عنه مهما حدث.

التأثر بهذه الأفكار والنظريات واضح بلا شك وكثرته جاءت على حساب العمق المنتظر في حال كان التركيز على فكرة واحدة او اثنان على الأكثر. لكن يبقى الأهم هو تقديم معالجة ادبية جيدة من خلال حكاية مبتكرة بين ( نور ) و ( حسناء ) الذين جمعهما القدر لغرض ومهمة تبدو مثالية ونبيلة في ظاهرها لكن ليت الأمور تسير دائماً بالنوايا الحسنة.

* الرمزية*

الرمزية في الرواية ركزت على عنصر الارادة والمقاومة وعدم فقدان الأمل ورفض الرضوخ لمن يدعي انه صاحب الحق في تقرير المصير.

* السرد / البناء الدرامي *

من خلال راوي متكلم غريب تتناقص طاقته تنازلياً كبطاريات الجوالات نتعرف على حكاية ( نور ) وحياته الرتيبة والنمطية تماماً الخالية من اي اخطاء او هفوات لكنها مريحة ، مثالية. لا حزن ، لا فرح. بمعنى اخر لا مشاعر على الاطلاق. هدف وحيد هو خدمة ما تبقى من البشرية بكل التفاني. هذا الراوي الغريب نوعاً يحمل بين طياته لغزاً غريباً تتفكك شفرته تباعاً حتى نصل الى مستوى طاقة ١٪ وصولاً الى نقطة الصفر.

اتخذ البناء الدرامي شكل الهرم المقلوب حيث تأخد الأحداث مساحة عريضة تتناقص تدريجيا نزولاً لقمة الهرم حيث المخرج ثم الولوج مرة أخرى لهرم مستوي يحمل نهاية القصة او لنقل بداية أخرى لها !.

* منطقية الأحداث *

تسير أحداث رواية ( نيورا ) بمنطق داخلي متماسك ينسجم مع طبيعة عالمها الديستوبي ، حيث تتطور الشخصيات والوقائع بشكل تدريجي ومبرر. لا تخرج الأحداث عن قوانين العالم الذي رسمه الكاتب ، مما يعزز مصداقيتها ويمنح القارئ شعورًا بالواقعية حتى في قلب الخيال.

* الزمان والمكان *

تدور الرواية في زمن خيالي ما بعد نهاية الحياة على كوكب الأرض يحمل تقييم زمني ( ع. ج.) او عالم جديد.

المكان هو مستعمرة تم بناؤها على الكوكب محاطة بأسوار شاهقة لحماية من تبقى من البشر - الذين هاجروا الى المريخ قبل النهاية - ضد هجمات من نجوا من الكارثة على الأرض.

* الشخصيات *

اعجبني بناء الشخصيات خاصة للقاطنين داخل المستعمرة. اشباه آليين بلا اي مشاعر او ردود افعال من اي نوع. تبلد تام. نجح الكاتب في نقل هذه الصورة بشكل جيد جداً ومقنع بدرجة كبيرة.

على الجانب الأخر لم يبخل في تقديم الصورة الأخرى لمن هم خارج المستعمرة حيث البشرية بتناقضاتها وحيويتها المعهودة.

* اللغة / الحوار / الوصف *

لغة السرد جاءت كلاسيكية. اعتقد ان هذا امر معتاد في مثل هذه النوعية من الأدب التي تعتمد اكثر على مضمون الفكرة والخيال المُقدم.

اما لغة الحوار اعجبني فيها الطريقة الباردة والمتبلدة لساكني المستعمرة والتي جاءت مناسبة جداً لتركيبتهم الغريبة. على النقيض جاءت لغة الحوار لساكني الأطلال محملة بالعاطفة والمشاعر الانسانية مع بعضاً من التقريرية وشيئاً من الدروس الأخلاقية المستفادة وهو أمر لا أُحبذه شخصياً.

الوصف جاء مُركزاً بلا اطالة او اطناب سواء للامكنة او الشخصيات.

* تقنية ال QR Codes *

استخدم الكاتب هذه الطريقة في عدة مواضع من الرواية حتى يضع القارىء في صورة تخيلية للحدث بما يتناسب مع مفهوم الذكاء الإصطناعي الذي تناقشه الرواية.

شخصياً لا أفضل وضع تصور مسبق للحدث وأفضل ان أعيش الخيال على طريقتي الخاصة. بالطبع هي مسألة ذوقية في النهاية.

* النهاية *

الختام جاء حماسياً ويحمل الأمل والخلاص لكنه لم يكن مُكتملاً بشكل ما وترك القارىء يتسائل ماذا كانت نتيجة المواجهة !. رحل بنا الكاتب عبر الزمن لنجد أنفسنا اشبه ما نكون عن نقطة صفر جديدة يبدأ من عندها مرحلة جديدة من الصراع والأمل. ربما يثير هذا حنق القارىء بشكل ما !.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق