جريمة السيدة هـ > مراجعات رواية جريمة السيدة هـ > مراجعة Youmna Mohie El Din

جريمة السيدة هـ - نهى داود
تحميل الكتاب

جريمة السيدة هـ

تأليف (تأليف) 4.1
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

رواية "جريمة السيدة هـ" – نهى داود

في مطلع شهر يوليو، كنت أعاني من حالة "بلوك قراءة" استمرت قرابة الشهر، نتيجة التسويف والكسل وتراكم الأحداث اليومية. فاخترت هذه الرواية على أمل أن تساهم في كسر هذا الجمود وتعيدني إلى روتيني القرائي اليومي.

ليست هذه تجربتي الأولى مع الكاتبة نهى داود، بل هي الثانية بعد روايتها "جريمة السيدة هـ"، والتي أؤكد أنها تستحق القراءة بكل جدارة.

تدور الرواية حول الموظفة هاجر، التي اتُّهِمَت بقتل زميلها هاني. دون أن أُفصح عن باقي الأحداث، أود التأكيد أن الرواية مذهلة، نجحت في الحفاظ على البناء الدرامي المحكم، وعكست أجواءً مشوّقة يسودها الغموض، خالية من أي ملل أو رتابة. كما استطاعت الكاتبة أن تنقلنا إلى كواليس الحياة داخل السجن، لتكشف لنا قصص نسوة يعانين من ظلم المجتمع وظلم أنفسهن، مع اختلاف الجرائم التي ارتكبنها.

هاجر شخصية حساسة، شفافة، مميزة. لا تُشبه بقية الفتيات. تتعرض للظلم دون ذنب، وأعترف بصراحة أنّ مشاعر الكراهية للظلم – خصوصاً الواقع على النساء – قد تضاعفت لديّ أثناء قراءتي. فرغم الأدلة الجنائية التي تدينها، كبصماتها على القضيب الحديدي، إلا أنني لم أستطع تصديق أنها المذنبة. الرواية واقعية إلى حدٍ كبير، وربما أكثر من كونها خيالية. فهي تُحاكي نماذج نلمحها أحيانًا في الواقع، وقد تمرّ علينا في أي لحظة، كما نقرأ عنها يوميًا في الجرائد.

أما شخصية نسرين، فقد كان لها دور محوري في حياة هاجر. لم تتخلَّ عنها، بل سعت بكل طاقتها لإنقاذ ابنة خالتها، وبذلت جهدًا هائلًا في محاولة كشف الحقيقة. سعت وراء خيوط الجريمة، تواصلت مع زملاء هاجر، وخاضت رحلة شاقة في البحث عن العدالة وسط دوائر الشك والخوف والغيرة والارتباك، وبين شخصيات مختلفة تتحكم بها الأقدار المتشابكة.

نسرين كانت شجاعة، نادرة، وقفت إلى جانب هاجر في أصعب لحظاتها، حين تخلّى عنها الجميع.

وشخصية منار أيضًا كانت لافتة؛ آمنت بـ هاجر، ووقفت بجانب نسرين، وكانت خير سند في رحلة البحث عن القاتل الحقيقي في قضية هاني.

أسلوب الكتابة ممتاز، سلس، لا يحتاج إلى أي إضافات. ولا أنكر أن نهى داود تمتلك موهبة نادرة في كتابة الروايات البوليسية، وهي النوع الأدبي الأقرب إلى قلبي.

اخترت هذه الرواية تحديدًا، دون غيرها، رغبةً في العودة إلى عالمي القرائي، بعد انقطاع دام شهرًا ونصف. وكم كنت محظوظة حين وجدتها صدفةً في قائمة تطبيق "أبجد"، فبدأت بها فورًا، وسرعان ما اجتاحتني السعادة باختياري الصائب.

ومن فرط براعة الكاتبة، لم أنجح في تخمين القاتل حتى النهاية. ويُقال إن هذه من أقدم رواياتها، وقد طُبِعت ثلاث مرات مع دور نشر مختلفة، ما زاد من دهشتي بأسلوبها، خاصة أن هذه الرواية تُعدّ أبسط من حيث البناء مقارنة بروايتها الأحدث "الذبابة الزرقاء"، التي اتّسمت بأسلوب أكثر تطورًا وتنظيمًا رغم بعض الأخطاء الإملائية الطفيفة. تطوّر واضح يدلّ على نضج الكاتبة وتوسّعها الأدبي.

أكاد أجزم أنها النسخة العربية من أجاثا كريستي، الكاتبة التي أحببتها وتعلّقت بأعمالها البوليسية.

وأخيرًا، وبعد يومين من القراءة المكثفة – مستغلّة أوقات الفراغ – أنهيت هذه الرواية المميزة. عشت بين شخصياتها، وتعلّمت الكثير من قضاياها، خاصة تلك التي تتناول الظلم بلا سبب. رواية تستحق القراءة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

ربما الشيء الوحيد الذي لم يُرضِني تمامًا كان استخدام العامية في بعض الحوارات، لكني أتفهّمه ضمن السياق العام لأجواء الرواية..

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق