"لا حيلة مع الموت في الخريف.. ثورات نفسية لا تعرف الجاني من الضحية"
بداخل كل نفس رغبات، وتطلعات، وشهوات، وعندما تُدفن هذه النفوس قد تثور في أي لحظة، عناء الكبت والتضحية قد يتخذ شكل العنف والجريمة، لحظتها لن يتم تمييز منطقية الدوافع.
هنا في النص الروائي "هيام" هي مجرد امرأة، كان لها نصيب قليل من دناياها، وترعى أباها المريض الذي لم يعد يتذكرها، لم تعرف ما جزاء ما تفعله، وهل هي في مآزق أم نعمة.
بناء الرواية أرى أنه ينقسم إلى ثلاثة أجزاء: الجزء الأول يتناول معاناة "هيام" مع مرض أبيها، وهو جزء كان فيه الكثير من الإسهاب، كان يمكن التغاضي عن ذكريات تم تناولها لم تضف الكثير للنص، إلى جانب شعوري كقارئ أني أمام رواية اجتماعية مستهلكة، رأيت تفاصيلها مُسبقًا في كثير من الصفحات والصور، أما الجزء الثاني فقد كان ممتعًا، ومختلفًا. رحلة مع سائق غريب، لكن لديه الكثير من التشابهات المنعكسة على حياة "هيام"، رحلة محفوفة بمخاطر انتفاضات ٢٠١١ تعلن عن رغبة في بداية جديدة كالتي تنويها "هيام"، في الجزء الثالث ظهرت -في رأيي- شخصية الرواية الحقيقة، وتفاصيل مفجعة، وفلسفة "هيام" في مواجهة آلام حياتها بحلول ثورية لا فيها أي عقل، وتكشف عن أمراض نفسية عميقة ربما لم تجد "هيام" من يلاحظها من الأساس.
سرد الرواية قوي، ممتع، ولغته مناسبة للنص، لكن الخط الزمني المنسوج طمس تفاصيل قد تضيف للنص ، فمثلًا شخصيات مثل "مازن" و "نشوى" كان من الممكن أن يظهر أكثر عبر فترات زمنية مختلفة مع "هيام"، ظهرا في لمحات سريعة، رغم إن لكل منهما دوافع لارتكاب جرائم كما ارتكبت "هيام".
نهاية النص لم أتمناها كما حدثت؛ فقد أعلنت "هيام" عن شخصية ذات فلسفة متمردة، ولم تعد منكسرة، أو مستسلمة للأقدار، ربما رأيتها تبدأ من جديد بأمل كبير، وقلب لا يعرف الرحمة.
نص روائي جيد، له تجربته المختلفة، قاسٍ وحزين، وملهم، ربما تمنيت بناءه بشكل مختلف لكن يظل له تفاصيله المؤثرة.