تدور الرواية حول سرقة لوحة نادرة من متحف، تجمع بين واقعية المؤامرات ونفحات خيالية تُدخل القارئ في "حالة من الضبابية بين الواقع والخيال" .
تساهم حبكة سرقة العمل الفني في توتر مستمر وتصاعد هندسي للأحداث، كما ينجح الكاتب في تقديم "لطامات مفاجئة" كما عبر أحد القرّاء .
دخلتُ إلى رواية تاهيتي ، مدفوعًة فقط بعنوانٍ يشبه الحلم. وما بدأت الصفحات الأولى حتى وجدت نفسي مأخوذًا بنبرةٍ سردية تتجاوز السرد التقليدي، لتصنع عالمًا مشبعًا بالفن، ملوَّنًا بالموسيقى، ومُضاءً بأسئلة الهوية والحرية.
على المستوى الذاتي، ما لفتني في الرواية هو قدرتها على لمس مناطق عميقة في النفس دون افتعال. لم أشعر أنني أقرأ حكاية عن "سرقة لوحة"، بل عشتُ رحلة هروب طويلة من صخب العالم إلى مكان يشبه "تاهيتي" الروحية، حيث تتعرّى الشخصيات من أقنعتها، وتواجه ذواتها بصدق أو بخوف.
لغة الرواية شاعرية بلا تكلف، والانسياب بين الأحداث والمدن يمنح القارئ متعة التورط الكامل في النص.
أما على المستوى النقدي والأدبي، فإن أبرز ما يُحسب للرواية هو دمجها بين جماليات الفن التشكيلي وبنية الرواية البوليسية، مما يُخرج العمل من دائرة السرد المعتاد إلى فضاءٍ تجريبي دون أن يضيع القارئ.
الشخصيات مرسومة بعناية، بخاصة شخصية "آدم عبد البديع" التي تمثل تقاطع الهوية المصرية مع الاغتراب الداخلي، وقد أجاد الكاتب في ربط هذه الشخصية برمز "اللوحة المسروقة"، في إسقاط ذكي على فكرة الذات الضائعة أو المنهوبة.
أسلوب عمرو حسين يميل إلى الحفر النفسي وتكثيف الصورة، ما يجعل بعض المقاطع قريبة من النصوص الشعرية، دون أن تفقد الرواية تماسها السردي.
ومع ذلك، يمكن أن يشعر القارئ أحيانًا بتكثيف معرفي أو فني يتطلب خلفية معينة لفهم بعض الإشارات، مما قد يشكّل حاجزًا جزئيًا أمام بعض القرّاء.
في المجمل، الرواية تنجح فنيًّا في تحقيق توازن دقيق بين الجمال والمتعة والتأمل، وتُثبت أن الرواية العربية قادرة على أن تخوض في أسئلة الإنسان من بوابات جديدة، بعيدة عن المباشرة أو التقريرية